بالأذان يفهم منه الحكم في الإقامة بالأولوية ، أو لأن الأذان هو مظنة الالتفات لإرادة الإعلام به لسائر الناس بخلاف الإقامة ، والله أعلم.
المسألة السادسة إذا تشاح الناس في الأذان قدم الأعلم ، ومع التساوي يقرع بينهم كما في القواعد والإرشاد ، ومقتضى ذلك عدم اعتبار غير العلم من الصفات المرجحة في الأذان وغيرها ، بل مقتضى ما عن المبسوط وجامع الشرائع عدم اعتبار العلم أيضا ، لاطلاقهما القرعة مع التشاح ، وفيه أنه مناف لقاعدة قبح ترجيح المرجوح على الراجح ، وللمروي (١) عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من أمره لعبد الله بن يزيد بإلقاء الأذان على بلال لأنه أعلى منك صوتا ، ولنحو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) « يؤذن لكم خياركم » ونحوه ، بل ومناف لجميع ما دل من عقل أو نقل على مراعاة مصلحة المسلمين في التصرف في بيت مالهم ، إذ التشاح كما هو ظاهر الذكرى وكشف اللثام والمدارك بل هو صريح المسالك انما يتصور في الارتزاق من بيت المال ، لعدم اعتبار الوحدة فيه إعلاميا كان أو غير ، على الأظهر كما ستعرف حتى يتصور في غير الفرض ، ولو سلم تصوره فلا ريب في أن ذلك أحد أفراده ، والمتجه فيه حينئذ مراعاة ما فيه مصلحة المسلمين ، بل يمكن القول بلزوم مراعاة كمال المصلحة مع فرض حصولها من غير تطلب ، وهي لا تنضبط بضابط ، لاختلافها أشد اختلاف ، ضرورة عدم انحصارها في الصفات المرجحة في الأذان ، بل ينبغي مراعاة قلة الارتزاق وكثرته ، بل قد تحصل مصلحة في خصوص إقامة بعض الأفراد لهذا الشعار ترجح على سائر غيرها من الصفات ، ولعله إلى ذلك أو بعضه أومأ في الدروس بقوله : « ومع التشاح يقدم من فيه صفة كمال ، فالقرعة ، إذ احتمال إرادته بصفة الكمال خصوص ما ذكروه
__________________
(١) تيسير الوصول ج ١ ص ٢١٠ وسنن أبى داود ج ١ ص ١٩٥ ـ الرقم ٤٩٩.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة ـ الحديث ٣.