الوقت إذا قدر على تحصيل الساتر ، وتصح في آخره وإن كان فرط في التحصيل فكذا ما نحن فيه ، بل قد يحتمل في مثل المقام ـ الذي لم يرد فيه دليل على البدلية بل جاءت من حكم العقل ـ أنه يأثم بترك التعلم ، ولا تصح صلاته في آخر الوقت ، لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، ولأنه لو قيس حاله بحال السادة والعبيد لجزم أهل العرف بذلك ، فما دل حينئذ (١) على سقوط العربية والاجتزاء ببدلها غير شامل لمثل ذلك ، ولعله لذا نص في المحكي عن نهاية الأحكام وكشف الالتباس على عدم الصحة فيمن فرط بترك التعلم حتى ضاق الوقت ، وانه تجب عليه الإعادة بعد التعلم ، وهو لا يخلو من وجه ، وإن كان ظاهر الأصحاب عدم الفرق بين التقصير وغيره ، وستعرف وجهه في القراءة إن شاء الله ، كما أنه يحتمل وجوب التعلم في مثل الفرض في سائر الوقت من غير فرق بين ما بعد الوقت وقبله لا لوجوب ذي المقدمة ، بل لأن أهل العرف يفهمون الوجوب في مثله ، كما يتضح بفرضه في السيد والعبد مع فرض عدم السبيل إلا قبل الوقت ، فتأمل جيدا.
فان ضاق الوقت عن التعلم أو لم يطاوعه لسانه بحيث تحقق العجز عنده ، قيل : أو لم يجد من يعلمه ولا سبيل إلى المهاجرة أحرم بترجمتها من باقي اللغات وجوبا ، لأنه هو المستطاع من المأمور به ، ولأنه هو الذي ينتقل اليه الذهن من مثل هذه الأوامر هنا ، خصوصا بعد استقراء ما ورد (٢) في الأخرس وسائر المضطرين في الأقوال والأفعال في الصلاة ، وفحوى ما ستسمعه في الأخرس ، ولعل ذا أو ما يقرب منه مراد من علله بأنه ركن عجز عنه فلا بد له من بدل ، والترجمة أولى ما يجعل بدلا منها ، وبأن المعنى معتبر مع اللفظ ، فإذا تعذر اللفظ وجب اعتبار المعنى ، يعني أنه
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٩ ـ من أبواب القراءة في الصلاة.