وأن الممكن منه من القراءة هذا المقدار ثانيا ، وقد عرفت إمكان الفرق بين التحريك بالنسبة إلى الألفاظ وبين المقدمات الخارجية ، على أن مثله يرد عليه فيما أوجب فيه التحريك من القسم الثاني من الخرس ، ودعوى أن الشارع قد اعتبر القراءة كحديث النفس بتحريك اللسان في اللهوات من غير صوت في خصوصه وفيمن يصلي خلف إمام يتقيه ولا يأتم به خالية عن الشاهد ، بل لعل الشاهد بخلافها كما عرفت ، كدعوى دفع إطلاق خبر السكوني بأنه لا قراءة لهذا الأخرس ، بل هي أوضح من الأولى بطلانا عند التأمل ، ومن ذلك كله يعرف ما في كلام جملة من الأصحاب في المقام خصوصا كشف اللثام ، فلاحظ وتأمل.
ثم لا يخفى أن المراد باللسان في المتن وغيره ما يشمل الشفة مثلا مما يبرز بها الألفاظ ، أو أنه اقتصر عليه لأن غالب الإبراز به ، كما أن التقييد بالإصبع في خبر السكوني يراد منه مطلق الإشارة به أو باليد ، ولعل عدم ذكر عقد القلب فيه كعبارة المبسوط فيما قيل لأن إبراز المقصد بالتحريك والإشارة لا ينفك عن عقد القلب بالمعنى ، كما أن ترك الإشارة في مثل المتن لنحو ذلك ، بل وكذا ما يحكى عن النهاية والمهذب من ترك التحريك بل اقتصرا على الإيماء مع اعتقاد القلب ، وكل ذلك شاهد على إرادة الأصحاب إبراز الأخرس كباقي إبراز مقاصده ، وأنهم اتكلوا على التعارف والمشاهدة من أحواله فلم يذكروا تمام المشخصات ، فتأمل جيدا.
نعم لو فرض تعسر تعليمه وإفهامه أصلا سقط عنه قطعا ، وهل عليه تحريك اللسان؟ وجهان ، ظاهر ما سمعته من الشهيد الأول ، وقد تقدم في التكبير ما له نفع في المقام في الجملة ، والله أعلم بحقيقة الحال.
والمصلي في كل ثالثة ورابعة بالخيار بين القراءة والتسبيح فـ ( ـان شاء قرأ الحمد ، وإن شاء سبح ) إجماعا محصلا ومنقولا صريحا وظاهرا مستفيضا بل متواترا