عن غرض آخر ، لا أن مرادهم تصور خطور القصد الذي لا مدخلية له في وجوده كما هو واضح.
ومن ذلك ونحوه ظن متأخرو المتأخرين من هذه الألفاظ في كلامهم اعتبارهم هذا التصور في تحقق النية مع وضوح عدم توقف شيء من الأفعال على ذلك ، على أنه ربما كان الداعي إلى كثرة ما سمعته من الكلام وزيادة الإيضاح شدة الاحتياط في العبادة وشدة اعتبار النية فيها ، وأنها في الأعمال بمنزلة الروح في البدن ، مضافا إلى ما في بعض النصوص (١) من بيان حكمة رفع اليدين بالتكبير بأن فيه إحضار النية وإقبال القلب على ما قصد مما يشعر برجحان الاخطار المزبور ، والله أعلم.
وكيف كان فمما ذكرنا ظهر لك أنه لا عبرة باللفظ في النية عندنا كما في التذكرة ، لما عرفت من أنها أمر قلبي لا مدخلية للألفاظ فيها ، بل في المحكي عن الخلاف وغيره عدم استحبابه أيضا ، وفي التذكرة ما يشعر بدعوى الإجماع عليه للأصل بل في البيان أن الأقرب كراهته ، لأنه إحداث شرع وكلام بعد الإقامة ، وربما نوقش فيه بأنه يمكن استثناؤه ، لأنه مما له تعلق بالصلاة خصوصا مع الإعانة على خلوص القصد وإن كان في استفادة ذلك من الأدلة على وجه لا يفرق بين الجماعة والفرادى وبين نفس الصلاة ومقدماتها كالاتيان بالساتر ونحوه منع ظاهر ، نعم قد يستفاد من تعليل رجحان رفع اليدين بأن فيه إحضار النية والقلب على ما قصد استحباب كل ما له مدخلية في ذلك من لفظ وغيره ، ولعله إليه أومأ بعضهم بقوله : إنه ينبغي الجمع ، فان اللفظ أعون على خلوص القصد ، لكن في الذكرى أن فيه منعا ظاهرا ، والانصاف أنه لا رجحان له بنفسه ، ويختلف باختلاف الناوين وأحوالهم ، فقد يعين على القصد فيترجح وقد يخل فالخلاف ، وبذلك يمكن ارتفاع الخلاف ، وما يقال ـ من أنه تشريع محرم ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام ـ الحديث ١١.