ومن ذلك كله يظهر لك ما في تعليل البطلان بالزيادة أو القران أو نحوهما ، بل قد يمنع حصول الثاني للفصل المنافي لحقيقة القران ، اللهم إلا أن يراد به قراءة الأكثر من سورة وإن فصل بينهما ، لكنه قد يتخلص منه بإعادتها نفسها ، إذ دعوى صدق القراءة بالأكثر من سورة حينئذ ممنوعة ، ضرورة ظهوره في التغاير بين السورتين ، كما أنه ظهر لك أيضا أولوية عدم البطلان إذا لم يقصد الجزئية ، إذ ليس فيه حينئذ إلا احتمال القران الذي عرفت الحال فيه ، هذا. وفي الذكرى بعد أن حكم بالبطلان في صورة العمد قال : « لو لم تجب السورة لم يضر التقديم على الأقرب ، لأنه أتى بالواجب وما سبق قرآن لا يبطل الصلاة ، نعم لا يحصل له ثواب قراءة السورة بعد الحمد ، ولا يكون مؤديا للمستحب » وفيه أنه بناء على البطلان للزيادة بنية الجزئية لا فرق بين القول باستحبابها ووجوبها ، كما أن الظاهر تحققه بمجرد الشروع في السورة المقدمة لتحقق المقتضي للبطلان حينئذ به ، بل الظاهر أنه كذلك حتى لو كان مستلزما له ولو فيما يأتي كما لو قلنا : إن المانع القرآن مثلا الذي لا يتحقق إلا بعد أن يقرأ السورة في محلها مثلا ، لأنه بعد أن جاء بما هو مستلزم للمبطل لم يتصور أمره بعد ذلك بباقي أجزاء الصلاة ، واحتمال السهو لا يجدي بعد عدم معقولية التكليف حال التذكر الذي هو الأصل وحكم السهو فرعه كما هو واضح.
ولو كان التقديم للسورة سهوا فلا بطلان قطعا مطلقا ، لإطلاق ما دل (١) على اغتفاره وعدم بطلان الصلاة به ، بل في كشف اللثام وإن كانت المقدمة طويلة بحيث اندرجت في الفعل الكثير ، ولعله للأصل من غير معارض مع تجويز العدول من سورة إلى أخرى ، وصحيح علي بن يقطين (٢) النافي للبأس عن القرآن بين السورتين
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٩.