في انسياق الخروج من المسجد من التفرق في النصوص بل هو صريح المحكي عن كتاب زيد ، ولذا عبر به بعضهم ، لكن لا يبعد إرادة الاعراض عن الصلاة وتعقيبها من ذلك ، وخص بالذكر جريا على الغالب كما صرح به الشهيد في المحكي عن النفلية ، وربما كان ظاهر المحكي عن موضع من المهذب حيث عبر بانصرافهم عن الصلاة ، بل لعله المراد من باقي العبارات وإن كان بعيدا ، وقد وقع في كشف اللثام هنا ما هو محتاج للنظر والتأمل ، خصوصا ما فيه من الفرق بين التعبير بتفرقوا وتفرق الصف ، مع أن مرجع الثاني إلى الأول كما عرفت ، إذ المراد من الصف المصطف ، والله أعلم.
وإذا أذن المنفرد ليصلي وحده ثم أراد الجماعة التي لم يكن قد أذن لها أعاد الأذان والإقامة للأصل وإطلاق ما دل على استحبابهما لها ، وخصوص موثق عمار (١) عن الصادق عليهالسلام « في الرجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده فيجيء رجل آخر فيقول له : نصلي جماعة هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان والإقامة؟ قال : لا ولكن يؤذن ويقيم » وهو ـ مع أنه من الموثق الذي هو حجة عندنا ، ومعتضد بالأصل والعمومات ، ومنجبر بفتوى المشهور نقلا وتحصيلا ، بل نسبه في الذكرى إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الإجماع عليه ـ واضح الدلالة على المطلوب الذي هو من السنن التي يتسامح فيها.
فمن الغريب ما في المعتبر من أن في هذه الرواية ضعفا ، فان في سندها فطحية ، لكن مضمونها استحباب تكرار الأذان والإقامة ، وهو ذكر الله ، وذكر الله حسن على كل حال ، والأقرب عندي الاجتزاء بالأذان والإقامة وإن نوى الانفراد ، ويؤيد ذلك ما رواه صالح بن عقبة عن أبي مريم الأنصاري (٢) قال : « صلى بنا أبو جعفر
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الأذان والإقامة ـ الحديث ١.
(٢) التهذيب ج ٢ ص ٢٨٠ ـ الرقم ١١١٣ من طبعة النجف.