وعن بعض أهل التحقيق : أن الْقَلْبَ يطلق على معنيين : أحدهما اللحم الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر ، وهو لحم مخصوص وفي باطنه تجويف وفي ذلك التجويف دم أسود ، وهو منبع الروح ومعدنه ، وهذا المعنى من الْقَلْبِ موجود للبهائم بل للميت. المعنى الثاني لطيفة ربانية روحانية لها بهذا الْقَلْبِ تعلق ، وتلك اللطيفة هي المعبر عنها بِالْقَلْبِ تارة وبالنفس أخرى وبالروح أخرى وبالإنسان أيضا ، وهو المدرك العالم العارف ، وهو المخاطب والمطالب والمعاقب ، وله علاقة مع الْقَلْبِ الجسداني ، وقد تحير أكثر الخلق في إدراك وجه علاقته ، وإن تعلقه يضاهي تعلق الأعراض بالأجسام أو الأوصاف بالموصوفات ، أو تعلق المستعمل للآلة بالآلة ، أو تعلق المتمكن بالمكان ، وشبه ذلك ـ انتهى. وهذا هو المراد من
قَوْلِهِ (ع) : « لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يُقْبِلُ بِقَلْبِهِ عَلَى اللهِ إِلَّا أَقْبَلَ اللهُ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ ».
وَفِي حَدِيثِ الْفُرُوضِ عَلَى الْجَوَارِحِ : « وَأَمَّا مَا فَرَضَ اللهُ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الْإِيمَانِ فَالْإِقْرَارُ وَالْمَعْرِفَةُ وَالْعَقْدُ وَالرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ ».
وفسر الإقرار : الإقرار بما جاء من عند الله تعالى من نبي أو كتاب ، والمعرفة بالتصور المطلق ، والعقد بالإذعان القلبي وهو التصديق ، وقد جاء في تفسيره به
فِي الْحَدِيثِ : « وَالرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ بِأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ».
وَفِي الْخَبَرِ : « قَلْبُ الْمُؤْمِنِ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ ».
هو تمثيل عن سرعة تَقَلُّبِهِ ، أو أنه معقود بمشية الله وتخصيص الأصابع كناية عن إجراء القدرة والبطش لأنه باليد والأصابع إجراؤها. وقَلْبُ كل شيء : خالصه ولبه. وقَلْبُ العقرب : من منازل القمر ، وهو كوكب نير بجانبه كوكبان. و « الْقُلْبُ » بضم فسكون : سوار المرأة ، ومنه « تنزع المرأة حجلها وقُلْبَها ». ومُقَلِّبُ الْقُلُوبِ : أي مغيرها ومبدل