قبل اختراع الأجساد ، واخترع الأجساد واخترع لها الْأَرْوَاحَ بالخلق لِلْأَرْوَاحِ ، ولو لا ذلك لكانت الْأَرْوَاحُ تقوم بأنفسها ولكنا نعرف ما سلف لنا من الأحوال قبل خلق الأجساد كما نعلم أحوالنا بعد خلق الأجساد ، وهذا محال لا خفاء بفساده ـ انتهى كلامه. وللنظر فيه مجال.
وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ عليه السلام وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الرُّوحِ إِذَا نَامَ الْإِنْسَانُ أَيْنَ تَذْهَبُ؟ فَقَالَ عليه السلام : إِنَ رُوحَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالرِّيحِ وَالرِّيحُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْهَوَاءِ إِلَى وَقْتِ مَا يَتَحَرَّكُ صَاحِبُهَا لِلْيَقَظَةِ ، فَإِنْ أَذِنَ اللهُ بِرَدِّ تِلْكَ الرُّوحِ عَلَى صَاحِبِهَا جَذَبَتِ الرُّوحُ الرِّيحَ وَجَذَبَتِ الرِّيحُ الْهَوَاءَ فَرَجَعَتِ الرُّوحُ وَاسْتَكَنَّتْ فِي بَدَنِ صَاحِبِهَا ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنِ اللهُ بِرَدِّ تِلْكَ الرُّوحِ عَلَى صَاحِبِهَا جَذَبَ الْهَوَاءُ الرِّيحَ فَجَذَبَ الرِّيحُ الرُّوحَ فَلَمْ تُرَدَّ عَلَى صَاحِبِهَا حَتَّى يُبْعَثَ.
وَفِي الْحَدِيثِ « لَا بُدَّ لِهَذَا الْبَدَنِ أَنْ تُرِيحَهُ ـ يَعْنِي فِي النَّوْمِ ـ حَتَّى تَخْرُجَ نَفَسُهُ ، فَإِذَا خَرَجَ النَّفَسُ اسْتَرَاحَ الْبَدَنُ وَرَجَعَتِ الرُّوحُ فِيهِ وَفِيهِ قُوَّةٌ عَلَى الْعَمَلِ ».
قال بعض العارفين : الفرق بين الموت والنوم أن في الموت ينقطع تعلق النفس الناطقة وفي النوم يبطل تصرفها ، فالمراد من خروج نفس الناطقة تصرفها في البدن ، والمراد من الرُّوحِ هذا الجسم البخاري اللطيف الذي يكون من لطافة الأغذية وبخاريتها ، وله مدخل عظيم في نظام البدن ـ انتهى. وقد مر في « وفا » الفرق أيضا بين نفسي الموت والنوم. والرِّيحُ : الرَّائِحَةُ في قَوْلِ الصَّادِقِ عليه السلام فِي غَدِيرٍ فِيهِ جِيفَةٌ « إِنْ كَانَ الْمَاءُ قَاهِراً لَهَا لَا يُوجَدُ الرِّيحُ مِنْهُ فَكَذَا ».
قال في المُغْرِبِ : الرِّيحُ والرَّائِحَةُ بمعنًى ، وهو عرض يدرك بحاسة الشم ـ انتهى. ومِنْهُ « خَيْرُ نِسَائِكُمُ الطَّيِّبَةُ الرِّيحِ ».
وَقَوْلُهُ عليه السلام فِي حَدِيثِ الصَّائِمِ « حَتَّى إِذَا أَفْطَرَ قَالَ اللهُ تَعَالَى طَيَّبَ اللهُ رِيحَكَ وَرُوحَكَ ».
وأَرْوَحَ الماءُ وأَرَاحَ : إذا تغير رِيحُهُ وأنتن. والْمُرَاوَحَةُ في العملين : أن تعمل