أَنَّ رَسُولَ اللهِ (ص) كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَنْظُرُ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ وَيَقْرَأُ الْخَمْسَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ آلِ عِمْرَانَ إِلَى قَوْلِهِ : ( إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ) ثُمَّ يَفْتَتِحُ صَلَاةَ اللَّيْلِ ، وَقِيلَ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ.
وقوله : ( بِحَمْدِ رَبِّكَ ) الحمد مضاف إلى الفاعل ، والمراد لازمه أي بتوفيقه ، أو إلى المفعول أي سَبَّحْتُ بحمدي لك. قوله : ( أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ ) [ ٦٨ / ٢٨ ] أي لو لا تستثنون قيل كان استثناؤهم « سُبْحَانَ الله » وقيل » إن شاء الله » لأنه ذكر وتعظيم لله وإقرار بأنه لا يشاء أحد إلا أن يشاء ، فجعل تنزيه الله موضع الاستثناء. قوله : ( يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) [ ٥٩ / ٢٤ ] قيل التَّسْبِيحُ إما بلسان الحال فإن كل ذرة من الموجودات تنادي بلسان حالها على وجود صانع حكيم واجب لذاته ، وإما بلسان المقال وهو في ذوي العقول ظاهر ، وأما غيرهم من الحيوانات فذهب فرقة عظيمة إلى أن كل طائفة منها تُسَبِّحُ ربها بلغتها وأصواتها ، وحملوا عليه قوله تعالى ( وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ) وأما غير الحيوانات من الجمادات فذهب جم غفير إلى أن لها تَسْبِيحاً لسانيا أيضا ، واعتضدوا بقوله : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) [ ١٧ / ٤٤ ] وقالوا لو أريد التَّسْبِيحُ بلسان الحال لما احتاج قوله ( وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) إلى تأويل ، وذكروا أن الإعجاز في تَسْبِيحِ الحصى في كف نبينا ص ليس إلا من حيث سماعه الصحابة وإلا فهو في التَّسْبِيحِ دائما. قوله : « يُسَبِّحُونَ الله ( بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) قيل أي دائما أو مقدارهما ، إذ لا طلوع ولا غروب هناك ، وهو للاستلذاذ به إذ لا تكليف. قوله : ( كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) [ ٢١ /٣٣ ] أي يجرون. قوله : ( وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً ) [ ٧٩ /٣ ] قيل هي السفن و ( فَالسَّابِقاتِ )