كقول جرير فإنّه يعلم أنّ الثلث الباقي من الأوساط ليسوا من العبيد ولا الموالي ولا نسلّم أنّ قوله صلىاللهعليهوآله من الطيّ.
والّذي يقوى في الظنّ أنّ « مَقامُ إِبْراهِيمَ » عطف بيان لخبر إنّ وهو « لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً » فانّ الحرم كلّه مقام إبراهيم فضلا عن البيت وحده كما يقال مكّة مقام فلان فإنّه لا يشترط مساواته للمقيم كما يقال فلان في السوق وفي المسجد ولذلك قيل إنّ سبب نزول الآية الردّ على اليهود في تفضيلهم بيت المقدس على المسجد الحرام والكعبة فعبّر سبحانه عن ذلك بمقام إبراهيم (١) وعلى هذا يكون الآيات مطويّة غير مذكورة وقد ذكرنا طرفا منها.
قوله « وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً » ليس معطوفا على « مقام » ليكونا عطف بيان لما عرفت من ضعفه بل هو عطف على ما سبق من كونه هدى وفيه آيات بيّنات وشرف آخر له وهو كونه أمنا لمن دخله وحينئذ يحتمل أن يكون خبرا عن إجابة دعاء إبراهيم في قوله تعالى ( رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً ) (٢) فانّ الله تعالى ألان قلوب العرب لحصول هذا الغرض حتّى أنّ الرجل منهم لو جنى أيّ جناية [ في غير الحرم ] ثمّ التجأ إلى الحرم لم يطلب.
ويحتمل أن يكون أمرا أي من دخله فليكن آمنا وذلك أيضا لا يخرجه عن الشرف لأنّ هذا الأمر معلّل بشرف ذلك المكان ولذلك حكم أصحابنا بأنّ من وجب عليه حدّ أو تعزير أو قتل ثمّ التجأ إلى الحرم لم يتعرّض بل يضيّق عليه
__________________
(١) قال السيوطي في الدر المنثور : أخرج ابن المنذر والأزرقي عن ابن جريج قال بلغنا ان اليهود قالت بيت المقدس أعظم من الكعبة لأنه مهاجر الأنبياء ولأنه في الأرض المقدسة فقال المسلمون بل الكعبة أعظم فبلغ ذلك النبي صلىاللهعليهوآله فنزلت ان أول بيت الآية الى قوله فيه آيات بينات ، مقام إبراهيم ، وليس ذلك في بيت المقدس ومن دخله كان آمنا وليس ذلك في بيت المقدس ولله على الناس حج البيت وليس ذلك لبيت المقدس. راجع ج ٢ ص ٥٢.
(٢) البقرة : ١٢٦.