الخامسة ( ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) (١).
اعلم أنّه لا يجوز المحاربة والمقاتلة للكفّار والبغاة إلّا بعد الدعاء إلى محاسن الإسلام وإقامة الحجّة عليهم كما قال سبحانه ( لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى ) (٢) وكأنّ الآية إشارة إلى وجوب دعاء الكفّار إلى الدّين أوّلا قبل محاربتهم فقيل المراد بالحكمة الكتاب والموعظة الحسنة وصف ثان له والجدل دليل العقل والتحقيق أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعو الناس على قدر استعدادهم كما قال صلىاللهعليهوآله « أمرنا معاشر الأنبياء أن نكلّم الناس على قدر؟؟؟؟؟؟ ثلاثة أقسام لأنّه لا يخلو المخاطب إمّا أن يكون له قدرة على إدراك المطلوب بالبرهان أولا والثاني إمّا أن يكون له قوّة الجدال والمغالبة أو لا فغاية [ أمر ] النبيّ صلىاللهعليهوآله ومن قام مقامه في هداية الخلق مع الفرقة الأولى إقامة البرهان وإيقاع التصديق الجازم في أذهانهم وغايته مع الفرقة الثانية الإلزام ليلتزموا بما أمروا به وغايته مع الفرقة الثالثة إيقاع المقدّمات الاقناعيّة في أذهانهم لينقادوا للحقّ لقصورهم عن رتبة البرهان والجدال.
فالحكمة إشارة إلى البرهان والموعظة الحسنة إشارة إلى الخطابة « وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ » إشارة إلى علم الجدل ، وإنّما قدّم الخطابة على الجدل لأنّ المنتفعين به أكثر لأنّهم أغلب الناس أو لأنّ الواو لا يفيد الترتيب. ووصف الموعظة بالحسنة أي يظهر لهم حسنها والجدال بالّتي هي أحسن أي بالرفق والخلق (٣)
__________________
(١) النحل : ١٢٥.
(٢) طه : ١٣٤.
(٣) مجمع البيان ج ٦ ص ٣٩٣.