( فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ ) أي فصلّوا صلاة أمن واشكروا لله كما علّمكم ثمّ إن قلنا أنّ الذّكر هو الصّلاة يكون معناه صلّوا كما علّمكم من الصّلاة وكيفيّتها وإن قلنا أنّه الشّكر يكون معناه فاشكروه شكرا مماثلا لإنعامه عليكم بتعليمكم ما لا تهتدي إليه عقولكم من كيفيّة الصّلاة حال الأمن وحال الخوف وفيها أحكام :
١ ـ وجوب المحافظة على الصّلوات الموجب ذلك للثّناء الجميل والأجر الجزيل كما قال في موضع آخر ( وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ ) (١) وفي موضع آخر ( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) (٢) فقيل المحافظة متعلّقها الأفعال والحدود والشّرائط (٣) والمداومة متعلّقها التكرّر بحسب الأوقات وقيل المحافظة على الفرائض والمداومة على النّوافل وهو مرويّ عن الباقر والصّادق عليهماالسلام (٤) كلّ ذلك فرارا ـ من التّرادف والتّأكيد غير المفيد ـ فائدة زائدة ـ إلى التأسيس المفيد.
٢ ـ يمكن أن يستدلّ بهذه الآية وما قبلها على وجوب الصّلوات التّسع المشهورة (٥) وبيان ذلك أنّهما دلّتا على وجوب الإتيان بكلّ ما يصدق عليه اسم الصّلاة
__________________
(١) المؤمنون : ٩ والمعارج : ٣٤.
(٢) المعارج : ٢٣.
(٣) قال في تفسير المنار : ولو لا أنّهم اتّفقوا على أنّها ـ اى الصّلاة الوسطى ـ احدى الخمس لكان يتبادر إلى فهمي من قوله ( وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) أنّ المراد بالصّلاة الفعل وبالوسطى الفضلي ، أى حافظوا على أفضل أنواع الصّلاة وهي الصلاة الّتي يحضر فيها القلب وتتوجّه بها النّفس الى الله تعالى وتحتشم لذكره وتدبّر كلامه لا صلاة المرائين ولا الغافلين.
قال ويقوى هذا قوله بعدها ( وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ ) فهو بيان معنى الفضل في الفضلي وتأكيد له إذ قالوا انّ في القنوت معنى المداومة على الضّراعة والخشوع أى قوموا ملتزمين لخشية الله واستشعار هيبته وعظمته ولا تكمل الصّلاة ولا تكون حقيقة ينشأ عنها ما ذكر الله من فائدتها إلّا بهذا.
(٤) الوسائل ب ٧ من أبواب أعداد الفرائض ح ٣.
(٥) قالوا : هي : الصّلاة اليوميّة ، صلاة الجمعة ، صلاة العيدين ، صلاة الكسوف