والمراد بالقراءتين « تماسوهن » أو « تمسوهن » الجماع بلا خلاف ، وانما قال « تعتدونها » فخاطب الرجال لأن العدة حق للزوج ربما استبرأ من أن يلحق به من ليس من صلبه أو يلحق بغيره من هو من صلبه. قال الجرجاني : أصله أنهم كانوا يقولون فيما توفر عدد أعددته فاعتد ، أي وفرته عليه فاسترفأه ، كما يقال كلته فاكتال وزنته فأتزن.
ومما يوضع ما ذكرناه قوله تعالى « لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين » (١) ، المفروض من صداقها داخل في دلالة الآية وان لم يذكر ، لان التقدير ما لم تمسوهن ممن قد فرضتم لهن أو لم تفرضوا لهن فريضة لان أو تنبئ عنه ، إذ لو كان على الجمع لكان بالواو.
والفريضة المذكورة في الآية الصداق بلا خاف ، لأنه يجب بالعقد للمرأة فهو فرض بوجوبه بالعقد ومتعة التي لم يدخل بها ، وقد روي أيضا انها لكل مطلقة ، ذلك على وجه الاستحباب.
و « متاعا » حال من قوله « قدره » والعامل فيه الظرف ، ويجوز أن يكون مصدرا والعامل « ومتعوهن ».
ويحتمل نصب « حقا » أيضا على وجهين : أحدهما أن يكون حالا من قوله « بالمعروف » والعامل فيه معنى عرف حقا. والثاني على التأكيد لجملة الخبر ، كأنه قيل أخبركم به حقا.
وانما خص التي لم يدخل بها بالذكر في رفع الجناح دون المدخول بها في الذكر وإن كان حكمها واحدا لامرين : أحدهما لإزالة الشك في الحرج على هذا المطلق. والثاني لان له أن يطلق أي وقت شاء ، وليس كذلك حكم المدخول
__________________
١) سورة البقرة : ٢٣٦.