وقت له ، والدليل عليه قوله تعلى « لأول الحشر » (١) ، فجعل له أولا.
وقيل العدة هنا الحيض ، والمعنى فطلقوهن قبل الحيض.
واحصاء العدة حفظ وقت الطلاق ثم أيام الطهر والحيض إلى أن يقع البينونة.
(فصل)
ثم قال تعالى « واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن » (٢) غلظ الله أمر المطلقين بالوعيد ، أي لا تخروجهن زمان العدة ، لأنه لا يجوز اخراجها من بيتها ، وأمر المطلقات ألا يخرجن باختيار أنفسهن قبل انقضاء عدتهن.
وعندنا وعند جميع الفقهاء يجب عليه السكنى والنفقة والكسوة إذا كانت المطلقة رجعية ، وان كانت بائنة فلا نفقة لها ولا سكنى. وقال عطا والضحاك وقتادة لا يجوز أن تخرج من بيتها حتى تنقضي عدتها الا عند الفاحشة. وقال الحسن وعامر والشعبي ومجاهد وابن زيد الفاحشة ههنا الزنا تخرج لإقامة الحد ، وقال ابن عباس الفاحشة البذاء على أهله ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهماالسلام (٣). وقال قتادة الفاحشة هو النشوز ، وقال ابن عمر هو خروجها قبل انقضاء العدة ، وفي رواية عن ابن عباس أن كل معصية لله ظاهرة فهي فاحشة.
وقوله « تلك حدود الله » يعني ما تقدم ذكره من كيفية الطلاق والعدة وترك اخراجها من بيتها الا عند الفاحشة حدود الله ، فالحدود نهايات تمنع أن يدخل في الشئ ما ليس منه أو يخرج عنه ما هو منه ، فقد بين الله بالأمر والنهي الحدود.
« ومن يتعد حدود الله » أي من يتجاوز حدود الله فقد فعل ما يستحق به العقاب ويحرم معه الثواب.
__________________
١) سورة الحشر : ٢.
٢) سورة الطلاق : ١.
٣) تفسير البرهان ٤ / ٣٤٥.