قلنا : قد بينا أن قوله « الطلاق مرتان » معناه طلقوا مرتين ، والعدد عقيب فعل لا اسم صريح.
فان قيل : إذا كان الثلاث لا تقع فأي معنى لقوله تعالى « لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا » وانما المراد انك إذا خالفت السنة في الطلاق وجمعت بين الثلاث وتعديت ما حده الله تعالى لم تأمن أن تتوق نفسك إلى المراجعة فلا تتمكن منها.
قلنا : قوله « لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا » مجمل غير مبين ، فمن أين أنه أراد ما ذكرتم ، والظاهر غير دال على هذا الامر الذي يحدثه الله.
والأشبه بالظاهر أن يكون ذلك الامر الذي يحدثه الله متعلقا بقوله « ومن يتعد حدود الله » لأنه قال « تلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا » فيشبه أن يكون المراد لا تدري ما يحدثه الله من عقاب يعجله الله في الدنيا على من تعدى حدوده ، وهذا أشبه مما ذكروه. وأقل الأحوال أن يكون الكلام يحتمله ، فسقط تعلقهم.
وقيل : يتعلق قوله « لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا » بالنهي عن اخراجهن من بيوتهن لعله يبدو له في المراجعة. وهذا أيضا يحتمل ، فمن أين أن المراد ما ذكره.
(فصل)
وأبان سبحانه بقوله « الطلاق مرتان » عدد الطلاق ، لأنه كان في صدر الاسلام بغير عدد. قال قتادة : كان الرجل يطلق امرأته في صدر الاسلام ما شاء من واحدة إلى عشر ويراجعها في العدة ، فنزل قوله تعالى « الطلاق مرتان » يعني طلقتين.
« فامساك بمعروف أو تسريح باحسان » فبين أن عدد الطلاق ثلاثة ، فقوله « مرتان » اخبار عن طلقتين بلا خلاف ، واختلفوا في الثالث : فقال ابن عباس