وقيل في معنى قوله تعالى « ولا يحل فهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن » ثلاثة أقوال : أحدها قال إبراهيم الحيض ، وثانيها قال قتادة الحبل ، وثالثها قال ابن عمر هو الحبل والحيض. وبه قال الحسن ، وهو الأقوى لأنه أعم (١). وانما لم يحل لهن الكتمان لظلم الزوج بمنعه المراجعة في قول ابن عباس ، وقال قتادة لنسبة الولد إلى غير والده كفعل الجاهلية.
ثم شرط بقوله « ان كن يؤمن بالله واليوم الآخر » أي من كانت مؤمنة فهذه صفتها لا أنه يلزم المؤمنة دون غيرها. وخرج ذلك مخرج التهديد.
ثم قال « وبعولتهن أحق بردهن » يعني أزواجهن أحق برجعتهن ، وذلك يختص الرجعيات وإن كان أول الآية عاما في جميع المطلقات الرجعية والبائنة ، ويسمى الزوج بعلا لأنه عال على المرأة بملكه لزوجيتها.
وقوله تعالى « ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ». قال الضحاك : لهن من حسن العشرة المعروف على أزواجهن مثل ما عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لهم. وقال ابن عباس : لهن على أزواجهن من التصنيع والبر بهن مثلما لأزواجهن عليهن. وقال الطبري : على أزواجهن ترك مضارتهن كما أن ذلك عليهن لأزواجهن.
ثم قال « وللرجال عليهن درجة » أي فضيلة : منها الطاعة ، ومنها أنه يملك التخلية ، ومنها زيادة الميراث على قسم المرأة والجهاد. هذا قول مجاهد وقتادة ، وقال ابن عباس : منزلة في الاخذ عليها بالعضل في المعاملة حتى قال « ما أحب أن استوفي منها جميع حقي ليكون لي عليها الفضيلة والدرجة والمنزلة ».
وقيل إن في الآية نسخا ، لان التي لم يدخل بها لا عدة عليها بلا خلاف إذا طلقت ، قال الله تعالى « يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات » إلى قوله « فمالكم
__________________
١) وهو المروى عن الصادق عليهالسلام ـ انظر مجمع البيان١ / ٣٢٦.