وقال السدي : ان ناسا من العرب كان يأكلون جميع ذلك ولا يعدونه ميتا ، انما يعدون الميتة التي تموت من الوجع.
فان قيل : قد جاء في البقرة « وما أهل به لغير الله » وفي المائدة وفي الانعام وفي النحل « وما أهل لغير الله به » فما وجه ذلك؟
قلنا : الأصل ما جاء في سورة البقرة ، لان الباء التي يتعدى بها الفعل بمنزلة جزء منه ، تقول ذهبت بزيد وأذهبته ، وما يتعدى إليه الفعل باللام لا يتنزل منه اللام منزلة الجزء منه ، فالباء أحق بالتقديم ، لان معنى « أهل به لغير الله » ذبح لغير الله ، أي سمي عليه بعض الالهة ، ان لم يكن الذابح ممن يعرف الله فيسميه.
فالأصل ما هو في البقرة ، ثم لما كان الاهلال بالمذبوح لا يستنكر الا إذا كان ما عدا الأصل فتقديم المستنكر أولى. ألا ترى أنهم يقدمون المفعول إذا كانوا ببيانه أعني (١) فيقولون « ضرب عمرا زيد ». فلهذا بدئ في البقرة ثم قدم في المواضع الثلاثة الاسم ، وهو ذكر المستنكر في غير الله.
والتذكية هي فري الأوداج والحلقوم إذا كانت فيه حياة ولا يكون بحكم الميت ، والذكاة في اللغة تمام الشئ. فالمعنى على هذا في قوله تعالى « الا ما ذكيتم » أي ما أدركتم ذبحه على التمام.
(فصل)
ثم قال تعالى « وما ذبح على النصب » فانصب الحجارة التي كانوا يعبدونها وهي الأوثان ، واحدها نصاب ، ويجوز أن يكون واحدا والجمع أنصاب (٢).
__________________
١) أعني : أشد عناية « ج ».
٢) قال ابن منظور : النصب والنصب ـ بفتح النون وسكون الصاد في الأول وضم النوب والصاد في الثاني ـ كل ما عبد من دون الله تعالى والجمع أنصاب ، وقال الزجاج النصب ـ بضمتين ـ جمع واحدها نصاب ، قال وجائز أن يكون واحدا وجمعه أنصاب ـ لسان العرب (نصب).