سبحانه أخبر أن من تاب وندم على ما كان منه من فعل الظلم بالسرقة وغيرها فان الله يقبل توبته باسقاط العقاب بها عن المعصية التي تاب عنها.
فعلى هذا لو تاب السارق قبل أن يرفع إلى الامام وظهر ذلك منه ثم قامت عليه البينة فإنه لا يقطع غير أنه يطالب بالسرقة ، وان تاب بعد قيام البينة عليه وجب قطعه على كل حال.
وروي أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فأقر بالسرقة ، فقال له علي عليهالسلام : أتقرأ شيئا من كتاب الله؟ قال : نعم سورة البقرة. فقال : قد وهبت يدك لسورة البقرة. فقال الأشعث : أتبطل حدا من حدود الله؟ فقال : وما يدريك ما هذا ، وإذا قامت البينة قليس للامام أن يعفو ، قال الله تعالى « والحافظون لحدود الله » (١) ، فإذا أقر الرجل على نفسه بسرقة فذلك إلى الامام ان شاء عفا وان شاء عاقب (٢).
ولا يقطع حتى يقر بالسرقة مرتين وأنه سرق من حرز وكان نصابا ، فان رجع ضمن السرقة ولم يقطع. وقال الفقهاء : إذا قامت البينة على السارق يجب قطعه على كل حال ، فإن كان تاب كان قطعه امتحانا وان لم يكن تاب كان عقوبة وجزاءا.
ومتى قطع فإنه لا يسقط عنه رد السرقة ، سواء كانت باقية أو هالكة ، فان كانت باقية ردها بلا خلاف وان كانت هالكة رد عندنا قيمتها. قال أبو حنيفة وأصحابه : لا يجب عليه القطع والغرامة معا ، فان قطع سقطت عنه الغرامة وان غرم سقط القطع.
ومن سرق بعد قطع اليد دفعة ثانية على ما ذكرناه قطعت رجله اليسرى
__________________
١) سورة التوبة : ١١٢.
٢) الاستبصار ٤ / ٢٥٢.