حتى يكون من خلاف ، فان سرن ثالثة حبس عندنا أبدا ، فان سرق في الحبس قتل. ولا يعتبر ذلك أحد من الفقهاء.
فظاهر الآية يقتضي وجوب قطع العبد والأمة لتناول اسم السارق والسارقة لهما إذا سرقا ، وصح ذلك عليهما بالبينة دون الاقرار.
وقوله تعالى « جزاءا بما كسبا » معناه استحقاقا على فعلهما « نكالا من الله » أي عقوبة منه على ما فعلاه. وقال مجاهد الحد كفارة ، وهذا غير صحيح ، لان الله دل على معنى الامر بالتوبة (١) ، وانما يتوب المذنب عن ذنبه والحد من فعل غيره. وأيضا فمتى كان مصرا كان إقامة الحد عليه عقوبة والعقوبة لا تكفر الخطيئة كما لا يستحق بها الثواب. والتوبة التي يسقط الله العقاب عندها هي الندم على ما مضى من القبيح أو الاخلال بالواجب والعزم على ترك الرجوع إلى مثله في القبح.
فان قيل : قوله « فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح » (٢) هل فعل الصلاح شرط في قبول التوبة أم لا ، فإن لم يكن شرطا فلم علق الغفران بمجموعهما؟ قيل له : لا خلاف في أن التوبة متى حصلت على شرائطها فان الله يقبلها ويسقط العقاب وان لم يعمل بعدها عملا صالحا ، غير أنه إذا تاب وبقي بعد التوبة فإن لم يعمل العمل الصالح عاد إلى الاصرار ، لأنه لا يخلو في كل حال من واجب عليه. وأما ان مات عقيب التوبة من غير فعل صلاح فان الرحمة باسقاط العقاب تلحقه بلا خلاف.
على أن قوله تعالى « وأصلح » يمكن أن يكون إشارة إلى العزم على ترك
__________________
١) أي دل بقوله تعالى « فمن تاب » على معنى الامر بالتوبة ، لأنه خبر بمعنى الامر ، أي توبوا فأصلحوا ، فلو كان الحد كفارة لم يبق ذنب حتى يتوب منه « ج ».
٢) سورة المائدة : ٣٩.