وقوله تعالى « الا ما قد سلف » استثناء منقطع ، لكن ما قد سلف لا يؤاخذكم الله به الان وقد دخلتم في الاسلام وتركتم ما فعلتم في الجاهلية ، وليس المراد أن ما سلف حال النهى يجوز استدامته بلا خلاف.
وقيل إن « الا » بمعنى سوى ، وموضع « أن تجمعوا » رفع ، تقديره حرمت عليكم الأشياء والجمع بين الأختين ، فإنهما يحرمان على وجه الجمع دون الانفراد ، سواء اجتمع العقدان أو افترقا. وكان ذلك لبني إسرائيل حلالا ، فان خلفت إحداهما الأخرى جاز.
ويمكن الاستدلال بهذه الآية على أنه لا يصح أن يملك واحدة من ذوات الأنساب المحرمات ومن الرضاع أيضا ، لان التحريم عام بقوله عليهالسلام : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. فهو دليل على أنه لا يصح ملكهن من جهة الرضاع وإن كان فيه خلاف.
وأما المرأة التي وطئها بلا تزويج ولا ملك فليس في الآية ما يدل على أنه يحرم وطؤ أمها وبنتها ، لان قوله تعالى « وأمهات نسائكم » وقوله « من نسائكم اللاتي دخلتم بهن » يتضمن إضافة الملك اما بالعقد أو بملك اليمين ، فلا يدخل فيه من وطئ من لا يملك وطؤها. غير أن قوما من أصحابنا ألحقوا ذلك بالموطوءة بالعقد والملك بالسنة والاخبار المروية في ذلك. وفيه خلاف بين الفقهاء.
ثم قال « ان الله كان غفورا رحيما » أخبر سبحانه أنه كان غفورا حيث لم يؤاخذهم بما فعلوه من نكاح المحرمات وانما عفا لهم عما سلف.
(فصل)
ثم قال تعالى « والمحصنات من النساء الا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم » (١)
__________________
١) سورة النساء : ٢٤.