فقد يوثّق أحد العلماء راوٍ معيّن لأدلّة خاصّة عنده ، بينما نرى عالماً آخر لا يوثّق هذا الراوي أو يتوقّف فيه لأدلّته الخاصّة ، ومناقشته أدلّة من وثّقه ، وهكذا إذا كثر العلماء تكثر الآراء وتختلف تبعاً لطبيعة الاجتهاد ، الذي فتحه الأئمّة لعلماء الشيعة ، الذين يتولّون الأُمور بعدهم.
فعلى ذلك ، إذا أراد عالم من العلماء تأليف كتاب صحيح ـ كصحيح الكافي مثلاً ـ فلا يمكنه أن يلزم به علماء الشيعة الآخرين ، لأنّ كلّ عالم له نظره الخاصّ ، واجتهاده المبني على الأُصول والقواعد ، الذي قد يخالف فيه ذلك العالم ، وبالتالي فما يراه ذلك العالم الذي ألّف صحيح الكافي صحيحاً لا يرى العالم الآخر صحّة كلّ ما فيه ، بل يرى فيه بعض الروايات الضعاف ، وترجع المسألة إلى عدم صحّة هذا الكتاب من أوّله إلى آخره عند العلماء ، ولا يمكن إلزام العلماء بمبنى واحد ، لأنّ معنى ذلك غلق باب الاجتهاد الذي فرغنا عن كونه لم يغلق.
أضف إلى ذلك : أنّ هناك روايات كثيرة صحيحة عند علماء الشيعة ، وهي أكثر من روايات أهل السنّة ، فهذا الكافي الذي يحتوي على أكثر من ( ١٦ ) ألف رواية ، يصرّح العلماء بوجود روايات صحيحة فيه أكثر من (٤) آلاف رواية ، وهذا الكافي لوحده ، فما بالك بكتب الروائية الأُخرى ـ كالاستبصار والتهذيب ، ومن لا يحضره الفقيه ، وغيرها من كتب الحديث ـ؟!
وهناك من ألّف من العلماء كتباً لجمع الصحيح والحسن من الروايات ، ككتاب ( منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان ) لابن الشهيد الثاني قدسسره ، لكن يبقى أيضاً تحت نظر الفقيه الآخر ، ومدى قبوله للروايات من حيث التصحيح والتضعيف.
وأمّا المنهج السنّي ، فهو يحتاج إلى بيان كيفية بنائه ، والأُسس التي سار عليها ، والتي بعد معرفتها نرى المشاكل التي واجهها علم الحديث عندهم ،