متروكاً ، منكر الحديث غير مرضيّ ، ليس بثقة ولا مأمون ، مجهول ، كان يعلم المجان والمجون ، فهذه كلّها فيمن اسمه أحمد ، فما بالك ببقية الأسماء في سائر الحروف ، فأقرأ وأضحك ، وشرّ البلية ما يضحك.
إنّ الزاعم يتحامل بغير حقّ على الشيعة ، فينقل كلمات يقتطعها من جملة كلام لو نقله بتمامه لأفاد على عكس مرامه ، ومهما يكن فإنّ الزاعم من رجال التهويش والتشويش ، وجاهلاً حتّى بمذهبه ، فلو لم يكن كذلك لعرف أنّ انقسام الفقهاء في الحديث ـ كان من عهد التابعين واتباعهم من أئمّة المذاهب ـ إلى مدرستين.
١ ـ مدرسة الرأي ومركزها الكوفة في العراق ، وزعيمها ربيعة الرأي ، سمّي بذلك لأنّه كان يعرف بالرأي والقياس وهو من التابعين ، ومن أعلام هذه المدرسة أبو حنيفة إمام الأحناف.
٢ ـ مدرسة الحديث والأثر ، ومركزها المدينة المنوّرة ، وإمام المالكيّة مالك ابن أنس من أعلامها.
ولم يكن الخلاف بين المدرستين حول حجّية الحديث النبويّ الشريف ، فجميعهم يقبلون على الحديث إن ثبت عندهم وصحّ لديهم ، فهو حجّة يجب اتباعه عند الجميع ، لكن الذي ميّز المدرستين هو المنهج في قبول الحديث وردّه.
فمدرسة الحديث تقبل كلّ ما جاء من طرق معتبرة سنداً عندهم ، أي ما كان سلسلة رواته عدولاً ثقات ، وإن كان خبر آحاد ، بغضّ النظر عن موافقته للكتاب أو مخالفته ، وسواء وافق عمل وسيرة المسلمين أم لا ، بل اكتفى مالك حتّى بعمل أهل المدينة فجعله مصدراً من مصادر التشريع في الحكم.
بينما مدرسة الرأي ترفض هذا المنهج ، ولها منهج أشدّ دقّة وسداداً ، حيث تنظر الحديث متناً وسنداً ، ومدى توافقه مع القرآن الكريم أو آثار الصحابة ، ولهم في ذلك قواعد بنوا عليها منهجهم في النقد ، ففي المتن يردّونه مادام يخالف