أحوال الرجال جرحاً وتعديلاً وتاريخاً ، ولكن الأعمى عن الحقّ لا يريد أن يبصر الحقيقة.
وأمّا قوله : ( وقد كان التأليف في أُصول الحديث وعلومه معدوماً عندهم ، حتّى ظهر زين الدين العامليّ الملقّب عندهم بالشهيد الثاني ، المتوفّى سنة ٩٦٥ هـ.
فيقول شيخهم الحائري : ومن المعلومات التي لا يشكّ فيها أحد أنّه لم يصنّف في دراية الحديث من علمائنا قبل الشهيد الثاني ).
فالجواب : أنّه زعم باطل باعتراف أئمّة أهل الحديث من العامّة ، وذلك أنّ أوّل من تصدّر لمعرفة علوم الحديث هو الحاكم ابن البيع النيسابوريّ ، وقد نصّ في ( كشف الظنون ) في باب حرف الميم ما نصّه : ( معرفة علوم الحديث أوّل من تصدّر له الحاكم أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الحافظ النيسابوريّ ، المتوفّى سنة خمس وأربعمائة ... ).
وهو خمسة أجزاء مشتملة على خمسين نوعاً ، وتبعه في ذلك ابن الصلاح ، فذكر من أنواع الحديث خمسة وستين نوعاً.
وقال : فأوّل من تصدّر له الحاكم أبو عبد الله ، وعمل عليه أبو نعيم مستخرجاً ، ثمّ جاء الخطيب فعمل الكتابين وهما الجامع لأخلاق الراوي ، وآداب السامع ، والكفاية في معرفة قوانين الرواية.
إذا عرفت هذا ، فقد نصّ السمعاني وابن تيمية والذهبيّ على تشيّع الحاكم المذكور.
قال الذهبيّ في ترجمة الحاكم : ( قال ابن طاهر : سألت أبا إسماعيل الأنصاريّ عن الحاكم ، فقال : ثقة في الحديث ، رافضي خبيث ، ثمّ قال ابن طاهر : كان شديد التعصّب للشيعة في الباطن ، وكان يظهر التسنّن في التقديم والخلافة ، وكان منحرفاً عن معاوية وآله ، متظاهراً بذلك ولا يعتذر منه.