ودليلهم في ذلك أدلّة كثيرة ، منها قوله تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١) ، هذا حال الشهداء ، فكيف بأئمّة آل البيت عليهمالسلام فهم شهداء وأولياء.
فاعتقاد حياتهم ممّا لاشكّ فيه ولا ريب ، وإذا كان الأمر كذلك ، فإنّهم يرون ويسمعون من زارهم ، ومن سألهم وهم في قبورهم ، هذه كرامة ومنزلة وهبها الله لهم تعظيماً لمقامهم وشرفهم.
ومن هنا ، فإنّ الشيعة يقفون على قبورهم ، ويسألون الله بحقّهم ، ويدعونه فيستجاب لهم ، فإنّ الله قد جعل لبعض الأماكن شرفاً ومنزلة ، فأحبّ أن يدعوه المؤمن في هذه الأماكن المقدّسة ، كما أحبّ أن يدعوه عند مساجده وبقاعه المشرّفة.
وبذلك فإنّ زائري قبورهم يستحصلون من قبورهم وضرائحهم البركة ، ويتعاملون معهم أحياءً لا أمواتاً ، لذا فإنّ أضرحتهم قد حلّت بها البركة ، وأنّ لهذه الأضرحة آثاراً كما لأجسادهم الشريفة ، فيجعلون ما مسّ أضرحتهم مورداً للاستشفاء بإذن الله تعالى ، وهذه الخرق السوداء والخضراء حينما تمسّ هذه الأضرحة ، يعتقد الناس ببركتها ، فتكون لهم حرزاً لطلب الشفاء مثلاً.
وهذه حالة من حالات اعتقاد الناس بحياة الأئمّة عليهمالسلام بعد الموت ، فهم يتعاملون معهم أحياءً لا أمواتاً.
ولهذه الحالات نظائر قد حدثت في حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، والأئمّة عليهمالسلام كذلك ، فالروايات تشير إلى أنّ خديجة بنت خويلد عليهاالسلام قد طلبت من النبيّ صلىاللهعليهوآله أن يكفّنها ببردته تبرّكاً بها ، ولتحميها من هول المطّلع ، ومن القبر وحالاته ، وفعلاً فقد استجاب لذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فكفّنها ببردته (٢).
وهذا زهير بن أبي سلمى خلع عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله بردته فقبّلها متبرّكاً بها ،
____________
١ ـ آل عمران : ١٦٩.
٢ ـ شجرة طوبى ٢ / ٢٣٥.