عذبه ، وإن شاء غفر له ». ١ وقد نسب العلامة الطبرسي ٢ ومحمد عبده ٣ هذا القول إلى أبي مجلز.
وذهب العلامة الطباطبائي إلى هذا الرأي حيث قال : بأن قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) ٤ وكذا قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ٥ تصلحان لتقييد هذه الآية ، فهذه الآية توعد بالنار الخالدة ، لكنها ليست بصريحة في الحتم ، فيمكن العفو بتوبة أو بشفاعة. ٦
وقد أشكل الفخر الرازي على هذا الرأي بقوله : بأن هذا الجواب ضعيف ، لأنه ثبت بهذه الآية أن جزاء قتل العمد هو ما ذكر ، وثبت بسائر الآيات أنه تعالى يوصل الجزاء إلى المستحقين ، قال تعالى : ( مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) وقال : ( الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) وقال : ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) بل إنه تعالى ذكر في هذه الآية ما يدل على أنه يوصل إليهم هذا الجزاء ، وهو قوله : ( وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) فان بيان أن هذا جزاؤه حصل بقوله : ( فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ) فلو كان قوله : ( وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً إخباراً ) عن الاستحقاق كان تكراراً ، فلو حملناه على الاخبار بأنه سيفعل لم يلزم التكرار ، فكان ذلك أولى. ٧
وأشكل عليه الشيخ محمد عبده أيضاً بقوله : وفيه أن الأصل في كل جزاء أن يقع لاستحالة كذب الوعيد كالوعد ، وإن العفو والتجوز قد يقع عن بعض الأفراد لأسباب يعلمها الله ، فليس هذا تفص من خلود بعض القاتلين في النار ، والظاهر أنهم يكونون الأكثرين ، لأن الاستثناء إنما يكون في الغالب للأقلين. ٨
________________
١. المصدر السابق. |
٢. المصدر السابق. |
٣. تفسير المنار ، ج ٥ ، ص ٣٤١. |
|
٤. النساء ، ٤٨. |
٥. الزمر ، ٥٣. |
||
٦. راجع : تفسير الميزان ، ج ٥ ، ص ٤١.
٧. راجع : تفسير الكبير ، ج ١٠ ، ص ٢٣٩. |
٨. تفسير المنار ، ج ٥ ، ص ٣٤١. |