٣. ويرى فريق ثالث من المفسرين بأن المراد بالخلود في هذه الآية المكث الطويل لا الدوام ١ لأن الخلود الأبدي في النار مختص بالكفار. وقد ذكره البيضاوي والالوسي ٢ كوجه ثانٍ في تفسير هذه الآية. وهذا الوجه في تفسير الآية مردود لما بيناه فيما سبق من أن الخلود بمعنى الدوام ، بل حتى القائلين بكونها موضوعة لغة للمكث الطويل قالوا بأنه أستعمل في القرآن بمعنى الدوام.
٤. ويرى فريق رابع بأن العقاب المذكور في الآية للقاتل المستحل ، أي من باب انكار التحريم ، وهو موجب للكفر والخلود في العذاب ، وقد اعتبره البيضاوي ٣ أول الوجهين في تفسير الآية ، ونسب هذا القول إلى عكرمة وابن جريج ، ٤ ومال إلى هذا الرأي الشيخ الطوسي والعلامة الطبرسي ، ففي ردهم على المعتزلة في استدلالهم بهذه الآية على خلود مرتكب الكبيرة في النار قالوا : فإنا نقول له ما أنكرت أن يكون المراد به من لاثواب له أصلاً بأن يكون كافراً ، أو أن يكون قتله مستحلاً لقتله ، أو قتله لايمانه ، فانه لا خلاف أن هذه صفة من يخلد في النار. ٥
ويؤيده ما روي عن سماعة قال : قلت له : قول الله تبارك وتعالى : ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) قال : « المعتمد الذي يقتله على دينه فذاك التعمد الذي ذكر الله. قال : قلت : فرجل جاء إلى رجل فضربه بسيفه حتى قتله لغضب ، لا لعيب على
________________
١. تفسير المراغي ، ج ٥ ، ص ١٢٤.
٢. راجع : تفسير البيضاوي ، ج ٢ ، ص ٢٣٧ ؛ روح المعاني ، ج ٥ ، ص ١١٥.
٣. راجع : تفسير البيضاوي ، ج ٢ ، ص ٢٣٦.
٤. راجع : تفسير المراغي ، ج ٥ ، ١٢٥ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ٢ ، ص ٢٣٦.
٥. مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٩٣ ؛ وراجع : تفسير البيان ، ج ٣ ، ص ٢٩٤.