وهؤلاء يمكن تسميتهم بالغارقين في الذنوب ، لأن الذنوب لوحدها لا توجب الخلود في النار إلّا إذا تكررت بحيث تؤدي إلى إحاطة السيئة بالانسان ، كما صرحت به آيات القرآن الكريم ، أو إلى سواد قلب كما جاء في الروايات عن المعصومين ، وإحاطة الخطيئة بالانسان وسواد قلبه يسوق الانسان إلى الكفر والشرك والتكذيب بآيات الله ، فعند ذلك تكون عاقبته الخلود في النار.
والقسم الآخر من الموعدين بالخلود في النار هو المؤمن الذي يقتل مؤمناً آخر على سبيل العمد والوعيد بالخلود في النار ، يتعارض مع ما اتفق عليه المسلمون من اختصاص الخلود في جهنم بالكفار ، ولحل هذه المعضلة حمل بعضهم الخلود على المكث الطويل ، وبعضهم قال بعدم قبول توبته ، والبعض الآخر حمل قتل العمد على الاستحلال ، وبعد التحقيق في هذه الأقوال ثبت صحة الوجه الثالث ، ويؤيده ما روي من أن معنى قتل العمد هو أن يقتله لدينه الذي هو عين الاستحلال لا لسبب آخر ، فيكون القاتل في هذه الحالة كافراً ، فيستحق الخلود في النار.
أما المتعاملون بالربا فقد وعدهم القرآن الكريم أيضاً بالخلود في النار ، وواضح بأن الوعيد بالخلود في آية الربا مطلق بحيث يشمل الكفار والمؤمنون معاً ، وعلى هذا فيترتب عليه نفس إشكال قتل العمد في كيفية شمول وعيد الخلود في النار للمؤمنين ، وأجيب بأن هذا الوعيد ليس لمطلق أكل الربا ، بل الأكل المقترن بالعود وعدم الانتهاء بعد التحريم الذي هو بمعنى الاستحلال الملازم للكفر ، ولهذا حمل جمهور المفسرين الآية على الآكل المستحل.