فالقاسمي يرى أن معصية واحدة إذا ختم الانسان بها حياته من غير توبة ، فانه مخلد في النار ، ويؤيده ما نقله من جواب المرتضى عن سؤال ، وهو أن المعصية متناهية فكيف يستحق على المتناهي عقاب لا يتناهى ؟ فيقول : قال المرتضى في جواب مسألة عن التخليد بالنار على ذنب واحد من كلام طويل مالفظه : وقد أنصف الله عزّوجلّ وعدل بينهم في حكمه ، أولا ترى لو أن رجلاً عصى الله طول عمره ثم تاب وأخلص ورجع في صحة من بدنه من قبل نزول الموت به أن تلك الذنوب جميعاً تحط عنه وتغفر له ، وإن مات على ذلك دخل الجنة ، فكذلك من ختم عمله بالمعصية لله سبحانه وتعالى ومات عليها ، حكم له بالعذاب كما حكم له عند التوبة بالثواب ، فهذا عين العدل والإنصاف. ولو جاز أن يدخل الجنة من مات على معصية واحدة لجاز أن يدخلها من مات على معصية ومعصيتين ، ولو جاز ذلك لجاز أن يدخلها من عصى عشراً أو عشرين مرة ، وإذا جاز ذلك فقد بطل الوعد والوعيد ووقع الاختلاف والفساد. ١
وذهب إلى هذا الرأي أيضاً أحمد بن يحيى الصعدي ( المتوفى ١٠٦١ ه ) ، قال : ولأن الصحيح من المذهب أن كل من كانت خاتمة طاعته الاصرار على معصية واحدة فهو من أهل النار ، وذلك مما يرجح القول بالاحباط على القول بالموازنة. ٢
أما يحيى بن حمزة فقد رجّح القول بالموازنه ، وهو قول أبي هاشم على القول بالموافاة الذي ذهب اليه أبو علي الجبّائي واستدل عليه بعدة وجوه :
أولها : إنه كان يجب أن يكون حال من عبد الله ألف سنة ثم شرب جرعةً من خمر ثم مات ، كحال من لم يعبد الله في عمره ، لأن عقابه قد أسقط ثواب طاعته ، لأنه قد اجتمع الاستحقاقان ، ولم تؤثر تلك الطاعات في شيء من عقابه ، فيكون حاله كحال من لم يعبد الله ، وفساده معلوم ضرورة.
________________
١. المصدر السابق ، ص ٣٢٣ ، ٣٢٤.
٢. شرح الثلاثين مسألة ، ص ٢٥٤.