سمى الله تعالى تأخير العقاب عفواً ، كما قال تعالى في قصة اليهود : ( ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )١( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ) ، ٢ وأيضاً فإنا نقول أراد بآيات المغفرة مثل قوله تعالى : ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ ... ) ، ٣ وقوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) ٤ ونحوه ، المغفرة مع التوبة ، وقد سماه الله غفراناً ، كما قال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ ) ، ٥ وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) ، ٦ وقوله تعالى : ( وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) ٧ إلى غير ذلك من الآيات ، قد وردت المغفرة في هذه الآيات ونحوها مقيدة بالتوبة. ٨
قال أحمد بن حسن الرصّاص ( المتوفى ٦٥٦ ه ) : فمذهبنا أن شفاعة محمد صلىاللهعليهوآله لا تكون يوم القيامة لأحد من الظالمين ، وإنما تكون للمؤمنين والتائبين ، فيزيدهم الله تعالى بها نعماً إلى نعمهم ، وسروراً إلى سرورهم. ٩ وقال نحوه محمد بن الحسن ( المتوفى ١٠٧٩ ه ). ١٠
وقال الرصّاص : إن ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، لو قلنا بصحته فإنه من أخبار الآحاد التي لا توصل للعلم ، وأيضاً فإنه معارض لما رواه الحسن البصري ، فإنه روى أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « ليست شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ». ١١
________________
١. البقرة ، ٥٢. |
٢. الشورى ، ٣٠. |
٣. الرعد ، ٦. |
|
٤. النساء ، ٤٨. |
٥. طه ، ٨٢. |
٦. التحريم ، ٨. |
|
٧. النساء ، ١١٠. |
٨. شرح الثلاثين مسألة ، ص ٢٦٥ ، ٢٦٦. |
||
٩. الخلاصة النافعة ، ص ١٨٥. |
١٠. راجع : سبيل الرشاد الي معرفة رب العباد ، ص ٤٢. |
||
١١. راجع : الخلاصة النافعة ، ص ١٨٥.