فالفرق بين من يخرج من الحبس وهو حبس على حاله ، وبين من يبطل حبسه بخراب الحبس وانتفاضه ، ١
ويتوسّل ابن القيم الجوزي في اثبات ماذهب اليه بعدد من الأدلة منها :
١. إن الجنة من موجب رحمته ورضاه ، والنار من غضبه وسخطه ، ورحمته سبحانه تغلب غضبه وتسبقه كما جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة عنه صلىاللهعليهوآله أنه قال : « لمّا قضى الله الخلق كتب في كتاب ، فهو عنده موضوع على العرش : إنّ رحمتي تغلب غضبي ». وإذا كان رضاه قد سبق غضبه وهو يغلبه ، كانت التسوية بين ما هو من موجب رضاه وما هو من موجب غضبه ممتنعة. ٢
٢. إن النار خلقت تخويفاً للمؤمنين وتطهيراً للخاطئين والمجرمين ، وإذا تطهرت الطهر التار أخرجت من النار ، لأنّ الله سبحانه خلق عباده على فطرة التوحيد والاقرار بخالقهم ، ولكن عرض لأكثر الفطر ما غيّرها فأكسبت النفوس خبثاً ونجاسةً وكفراً وتكذيباً. وهذا الخبث والكفر والتكذيب أمر عارضي طارىء على الفطرة قابل للزوال وليس هناك ما يدل على استحالة زواله ، أو كونه أمراً ذاتياً. ٣
٣. إنه لو جاء الخبر منه سبحانه صريحاً بأن عذاب النار لا انتهاء له ، وأنه أبدي لا انقطاع له ، لكان ذلك وعيداً منه سبحانه ، والله تعالى لا يخلف وعده ، وأما الوعيد فمذهب أهل السنة كلهم أن إخلافه كرم وعفو وتجاوز يمدح الرب تبارك وتعالى به ويثنى عليه ، به فانه حق له إن شاء تركه وإن شاء استوفاه ، والكريم لا يستوفي حقه ، فكيف بأكرم الاكرمين ، وقد صرح سبحانه في كتابه في غير موضع بأنه لا يخلف وعده ، ولم يقل في موضع لا يخلف وعيده. ٤
________________
١. حادي الارواح ، ص ٢٥٥. |
٢. المصدر السابق ، ص ٢٥٨. |
|
٣. راجع : المصدر السابق ، ص ٢٥٨ ـ ٢٦٠. |
٤. المصدر السابق ، ص ٢٧١. |
|