سعادة ، وإما أحوال شقاوة. ١
وقال في التعليقات : الجسم شرط في وجود النفس لامحالة ، فاما في بقائها فلا حاجة لها إليه. ٢ أي إن بقاء النفس لا يتوقف على بقاء الجسم ، لأنه سيفنى والنفس تظل خالدة.
وقال في كتاب ( عيون المسائل ) : إن القوى التي تدرك المعقولات جوهر بسيط... وهو مفارق للمادة يبقى بعد موت البدن ، وليس فيه قوة قبول الفساد ، وهو جوهر أحدى ، وهو الانسان على الحقيقة. ٣ وهنا أيضاً يؤكد على بقاء النفس وخلودها بعد موت البدن ومفارقته للنفس.
فهذه النصوص توكد خلود النفس من غير فرق بين كونها فاضلة أو شقية أو جاهلة ومن هنا نفهم أن مقصود الفارابي من بطلان النفوس ليس بطلانها وفناءها مطلقاً. وهذا ما جعل بعض الباحثين يتصدى للدفاع عن الفارابي ، قال الدكتور جعفر آل ياسين : عند تحكيم الرأي نجد أن المقصود من إضعاف خلود بعض الأنفس الشريرة هو تحقيق لطبيعة العقيدة الدينية التي أكدت تصنيف الأنفس الانسانية إلى مراتب في سعادتها حسب أفعالها وصدور تلك الأفعال. فمن كانت نفسه مثقلة بالخطايا كان مصيره العذاب الأكبر ، ومن كان مصيره أقل في خطاياه كان مصيره الآلام المبرحة ، ومن تطهرت نفسه ، فهو في أعلى عليين مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً. وتلك هي نظرة الفارابي بالذات ، وليس في موقفه هذا ما يدفع إلى القول بأنه تناقض مع نفسه ، بل على العكس كان أميناً معها ، ولكن هم بعض الباحثين للنصوص هو الذي
________________
١. الفاربي ، الدعاوي القلبية ، ص ١٠ ، نقلاً عن : الانسان في فلسفة الفارابي ، ص ١٠٤.
٢. الفارابي ، التعليقات ، ص ٥١ ضمن كتاب ، اربع رسائل فلسفية.
٣. الفارابي ، عيون المسائل ، ص ٦٤ نثلاً عن : الانسان في فلسفة الفارابي ، ص ١٠٤.