وفيه بطلان قول الجهمية ، فانهم يقولون بفناء الجنة وأهلها. ١
وقال نظام الدين القمي النيسابوري ( المتوفى ٧٢٨ ه ) : والخلد عند المعتزلة الثبات الدائم والبقاء اللازم الذي لا ينقطع بدليل قوله تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ) ٢ نفى الخلد عن البشر مع تعمير بعضهم ( وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ ) ، ٣ وعند الاشاعرة الخلد خو الثبات الطويل دام أو لم يدم ، ولو كان التأبيد داخلاً في مفهوم الخلد كان قوله ( خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) تكراراً ، ويقال في العرف : حبسه حبساً مخلّداً ، أو وقف وقفاً مخلّداً ، والحق أن خوف الانقطاع ينغّص النعمة ، وذلك لا يليق بأكرم الأكرمين. ٤ أي أن خوف الانقطاع عن أهلا لجنة ينغص النعمة عليهم ، فيلزم حمل الخلود على الدوام.
اما محمد القاسمي ( المتوفى ١٣٣٢ ه ) فانه يفسر معنى الخلود بالدوام الأبدي ، ففي تفسيره لقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ٥ قال : لا يموتون ولا يخرجون ، ٦ ويرى أن تفسير الخلود بالمكث الطويل ضعيف ، ففي ذيل تفسيره لقوله تعالى : ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ ... ) ٧ الآية ، نقل عدداً من الأقوال في تفسير هذه الآية بقوله : وقيل : وردت في رجل بعينه وقيل : المراد بالخلود طول المدة لا الدوام ، وقيل معناها هذا جزاؤه إن جازاه ، وعقبه بقوله : وهذه الأقوال كلها ضعيفة أو فاسدة. ٨
وقال الشيخ الطبرسي ( المتوفى ٥٤٨ ه ) : والخلد : الثبات الدائم والبقاء اللازم الذي لا ينقطع ٩
________________
١. عبدالله بن أحمد النسفي ، تفسير النسفي ، ج ١ ، ص ٧١. |
٢. الانبياء ، ٣٤. |
٣. الحج ، ٥.
٤. نظام الدين النيسابوري ، تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان ، ج ١ ، ص ٢٠١.
٥. البقرة ، ٣٩. |
٦. راجع : محمد القاسمي ، تفسير القاسمي ، ج ٢ ، ص ١١٠. |
٧. النساء ، ٩٣. |
٨. راجع : تفسير القاسمي ، ج ٥. |
٩. أبو علي الطبرسي ، جوامع الجامع ، ج ١ ، ص ٨٧.