الراحة ، ولا هو يحيى في أمن وراحة ، إنما هو العذاب الخالد الذي يتطلع صاحبه إلى الموت كما يتطلع إلى الامنية الكبرى. ١
وقال المراغي : ( ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ ) أي ومن شقي هذا الشقاء ولقي هذا العذاب بتلك النار يخلد فيها ، ولا يقف عذابه عند غاية ، ولا يجد لآلامه نهاية ، فلا هو يموت فيستريح ، ولا يحيى الحياة الطيبة فيسعد بها. ٢
وقال البروسوي : قال القاشاني : لا يموت لامتناع إنعدامه ، ولا يحيى بالحقيقة لهلاكه الروحاني ، أي يتعذب دائماً سرمداً ، يتمنى عندها الموت ، وكلما احترق وهلك أعيد إلى الحياة وعذب ، فلا يكون ميتاً مطلقاً ، ولا حياً مطلقاً. ٣
فنفي الموت والحياة معاً نفي لانقطاع العذاب ونفي للنجاة والخروج من النار واثبات للخلود الأبدي في النار.
فمعنى الآية اجمالاً : يتجنب التذكرة والموعظة بالقرآن الأشقى الذي لا يؤمن بالله ولا في قلبه شيء من خشية الله ، وهو سوف يلازم نار جهنم بحيث لا يموت فيها حتى يستريح ولا يعيش فيها حياة طيبة ، بل يكون في عذاب دائم ومخلداً في نار جهنم إلى الأبد ، لأن نفي الموت عنه بمعنى بقائه في جهنم ، ونفي الحياة الطيبة عنه بمعنى استدامة العذاب عليه.
٢. قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَٰلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ). ٤
قوله : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا ) بوحدانية الله وجحدوا نبوة نبيه. ٥
وقوله : ( لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ ) جزاءً على كفرهم.
وقوله : ( لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا ) قال الفخر
________________
١. سيد قطب ، في ظلال القرآن ، ج ٢٩ ، ص ١٤١.
٢. تفسير المراغي ، ج ٣٠ ، ص ١٢٧. |
٣. روح البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٠٩. |
|
٤. فاطر ، ٣٦. |
٥. مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٤١٠. |
|