الشرك في الطاعة ، كما جاء في بعض الروايات عن المعصومين عليهمالسلام والذي سوف نشير إليه ، ويمسى بالشرك الخفي ، والذي يقابل الشرك الجلي ، وهو الشرك في العبادة ، أي ان يتخذ الانسان معبوداً غيره.
والعلامة الطباطبائي في تعليقه على هذه الآية قال ما ملخصه : بأن تلبّس الانسان بالايمان والشرك معاً مع كونهما معنيين متقابلين ، لايجتمعان في محل واحد نظير تلبّسه بسائر الاعتقادات المتناقضة والاخلاق المتضادة ، إنّما يكون من جهة كونها من العماني التي تقبل في نفسها القوة والضعف ، فتختلف بالنسبة والاضافة ، كالقرب والبعد ، فانّ القرب والبعد المطلقين لا يجتمان ، إلّا أنهما اذا كانا نسبيين لا يمتنعان عن الاجتماع. وبين الشرك والايمان مراتب مختلفة بالقرب من أحد الجانبين والبعد منه ، وهي التي يجتمع فيه الطرفان بنحو من الاجتماع. فالمراد بالشرك في الآية بعض مراتبه الذي يجامع بعض مراتب الايمان ، وهو المسمى باصطلاح فنّ الأخلاق بالشرك الخفي. ١
وهناك روايات عديدة أشارت إلى هذا المعنى في تفسير الآية الآنفة الذكر ، ومن هذه الروايات :
١. في تفسير القمي مروياً عن الفضيل عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تبارك وتعالى : ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ) ، قال : « شرك طاعة وليس شرك عبادة ، والمعاصي التي يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا بالله في الطاعة لغيره ، وليس باشراك عبادة » ٢ وفي تفسير العياشي مروياً عن زراة مثله. ٣
٢. وفي تفسير العياشي ، عن مالك بن عطية ، عن أبي عبدالله عليهالسلام في قوله :
________________
١. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٢٧٦.
٢. علي بن ابراهيم القمي ، تفسير القمي ، ج ١ ، ص ٣٥٨.
٣. تفسير العياشي ، ج ٢ ، ص ٣٧٣.