عَذَابًا عَظِيمًا ). ١
وقد أغلظ سبحانه في وعيده لقاتل المؤمن ، فذكر في الآية أربع عقوبات له وهي خلود في النار ، والتعرض لغضب الله عزّوجل ، واللعنة عليه مع العذاب العظيم.
هذه الآية واضحة من سياقها أنها نزلت في شأن المؤمنين ، أي المؤمن الذي يقتل مؤمناً آخر على سبيل العمد ، فالآية التي سبقتها قد ذكر فيها سبحانه حكم قتل الخطأ ، أي حكم المؤمن الذي يقتل آخر خطأً ، قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ) الخ ، ثم عرج على قتل المؤمن عمداً في هذه الآية.
ومن هنا يطرح هذا السؤال ، وهو أن المفسرين متفقون بأن الخلود في النار مختص بالكفار ، وأن المؤمن لا يخلد في النار ، فكيف ذكرت الآية خلود المؤمن القاتل في النار ؟.
وللجواب عن هذا السؤال ذكر المفسرون في معنى الآية عدة وجوه ، وهي :
١. فريق ذهب إلى أن قاتل المؤمن عمداً لا تقبل توبته ، ويؤيده ما روي عن ابن عباس بأن قاتل العمد لا توبة له ، ٢ وتبنّى هذا الرأي الزمخشي ، ٣ ومحمد عبده ، ٤ ويؤيده أيضاً ما روي عن أبي عبدالله عليهالسلام : أنه سئل عن المؤمن يقتل المؤمن معتمداً ، أله توبة ؟ فقال : « إن كان قتله لايمانه فلا توبة له ، وإن كان قتله لغضب أو لسبب شيء من أشياء الدنيا فانّ توبته أن يقاد منه ، وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم ، فان عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية ، وأعتق نسمة ، وصام شهرين متتابعين ، وأطعم
________________
١. النساء ، ٩٣. |
٢. راجع : الدر المنثور ، ج ٢ ، ص ٦٣٠. |
٣. تفسير الكشاف ، ج ١ ، ص ٥٤٨ ، ٥٤٩.
٤. تفسير المنار ، ج ٥ ، ص ٣٣٩ ، ٣٤٠.