ولست أعرف سباً غير هذا حمل المؤلّف على القناعة بالسرد وحده دون توجيه مشرط النقد إلى الموارد المحتاجة إليه ، فيعزل البهرج عن الجوهر لئلّا يلتبس أحدهما بالآخر عند بعض العقول وكذلك يلزمه على كلّ حال إخراج المدرة عن حبّ الحصيد بالغربلة ، والذي أظنّه ـ والله العالم ـ أنّ التحقيق لا يستدعيه وضع أنصار الحسين عليهالسلام لعدم ترتّب أثر معتدّ به عند الزيادة أو النقصان ، فلا مانع من زيادة عددهم عن المألوف بين الناس أو نقصانه إذا كانت نتيجة معركة الطفّ في الشهادة وقد حصلت عين اليقين من ثمّ نراه نأى عن التحقيق الدقيق وإن لم يخل منه على نحو مختار ، وكذلك ترك النصوص دونما محاكمة علماً منه أنّ ذلك يبلغه النتيجة المرتضاة له وللباحث هذا كلّه يقال في كتاب الأنصار ..
وهو مع هذا ينطوي على بعض الأخبار المتناهية الضعف القريبة من الأساطير والتي وددت ومخلصاً أن يعافى هذا الكتاب الشريف منها ولكن لا بدّ من تسرّبها إليه لأنّ المؤلّف يخوض في وحل الروايات فلا مندوحة من تعرّضه لنقدٍ أو لوم.
ومهما قلنا عن الكتاب مدحاً أو نقداً فإنّه كتاب رائع ، فريد في بابه ، وحيد في نوعه حول المادّة المطلوبة للباحث والمحقّق والأديب والخطيب إلى مادّة معجميّة يسهل معها حصول الباحث على غرضه وتختصر له الطريق عندما يضع قدمه في مجاهيل التاريخ ، وخفّف من وطأة المعاجم على المولّفين حين اتّخذ الحرف الأوّل من الاسم دون الثاني والثالث وهذا غرم يدفع ثمنه الباحث إلّا أنّ شهرة الموضوع وحصره هوّن من ثقل هذا العزم.
ولو سلك شيخنا الجليل سلوك المعجميّين لكان أكثر إحكاماً
وضبطاً. ولي أن أقول بعد ذلك بأن الشيخ رحمهالله
جمع مادّة مفيدة وسهل الحصول عليها ووضعها بين يدي المثقّف على اختلاف مذاهبه. فهو مشكور على ذلك مثاب عليه ، لا ريب