والمنذر بن الجارود ويزيد بن مسعود النهشلي وغيرهم من الأعيان ، فلمّا قرأ القوم الكتاب سرّوا به فاستدعى يزيد بن مسعود النهشلي بني تميم وبني حنظلة وبني سعد ولمّا اجتمعوا عنده قال : يا بني تميم ، كيف ترون موضعي منكم ؟ فقالوا : بخ بخ أنت والله الظهر ورأس الفخر ، حللت في الشرف وسطاً ، وتقدّمت فيه فرطاً ، قال : فإنّي قد جمعتكم لأمر أُريد أن أُشاوركم منه ، وأستعين بكم عليه ! فقالوا : نمنحك النصيحة ، نجهد لك الرأى ، فقل حتّى نسمع ، فقال (١) : ط (وأحسن) ثمّ دعاهم إلى نصرة الإمام عليه فأجابوه بأجمعهم ، فكتب كتاباً إلى الإمام ولكنّه لمّا تجهّز للالتحاق بالإمام ومعه قومه قاصداً بهم كربلاء لنصرته بلغه أنّ الإمام استشهد فألقى رحله وأقام العزاء على الإمام عليهالسلام.
(وأمّا المنذر بن الجارود فإنّه جاء بالكتاب والرسول إلى عبيدالله بن زياد لأنّ المنذر خاف أن يكون الكتاب دسيساً من عبيدالله بن زياد وكانت بحرية بنت المنذر زوجة لعبيدالله بن زياد ، فأخذ عبيدالله بن زياد الرسول فصلبه ثمّ صعد المنبر فخطب وتوعّد أهل البصرة على الخلاف وإثارة الأرجاف ... (٢)).
وقال : من الذي كتب إلى الحسين من أهل البصرة ؟ فسمّوه له وأمر بإحضاره وقال لهم : رأيتم بطش أبي زياد وشدّته في سفك الدماء وأنا أشبهته من دون إخوتي وثمرة تلك الشجرة فاحرصوا على منع أنفسكم من الفتنة لئلّا تنالوا العقاب الأليم ، وصعد المنبر وراح يرعد ويزبد ويتهدّد ويتوعدّ ويعدهم بالعذاب والتنكيل حتّى دبّ الرعب في نفوسهم ثمّ أمر برسول الحسين سليمان أن يصلب فصلبوه حتّى أسلم الروح والتحق بقوافل الشهداء (صلّى الله عليهم وعليه).
__________________
(١) اللهوف ، ص ٢٦.
(٢) اللهوف ، ص ٢٩.