خلقه يقضي بينهم وبين عثمان بالعدل والحقّ ، ولكن سلني عن أبيك وعنك وعن يزيد وأبيه.
فقال ابن زياد : والله لا سألتك عن شيء أو تذوق الموت (غصّة بعد غصّة).
فقال عبدالله بن عفيف : الحمد لله ربّ العالمين ، أما إنّي قد كنت أسأل الله ربّي أن يرزقني الشهادة [ من ] قبل أن تلدك أُمّك وسألت الله أن يجعل ذلك على يدي ألعن خلقه وأبغضهم إليه ، فلمّا كفّ بصري يئست من الشهادة والآن [ فـ ] الحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منها وعرّفني الإجابة منه في قديم دعائي (١). ثمّ ارتجل في المكان قصيدة من تسعة وعشرين بيتاً بأتمّ الفصاحة والبلاغة وكلّها في ذمّ بين أُميّة ومدح الحسين عليهالسلام وتحريض الناس على الجهاد وترغيبهم به ودعوتهم للأخذ بثار الحسين عليهالسلام وذمّ الذين كاتبوه ثمّ غدروا به. وكان الشعر لفصاحته القصوى حمل ابن زياد مع غطرسته أن يستحيل إلى آذان صاغية لسماع كلماته مع كون كلّ كلمة منها بمثابة رمية في فؤاد ابن زياد لعنهما الله أو أشدّ وقعاً من سمى الأفعى الناقع ، وما أن أكمل شعره حتّى أمر ابن زياد بضرب عنقه وصلبه في السبخة ثمّ أمر بالقبض على ابنته ورميها في السجن (وترجمت لها في كتابي رياحين الشريعة في ترجمة العلماء من نساء الشيعة) وكانت هذه الصبيّة في سجن ابن زياد لعنهما الله حتّى انبرى لها رجل يُدعى طارق بتدبير سليمان بن صرد الخزاعي فأطلقها من السجن وهرب إلى القادسيّة وهناك التجأ إلى قبيلة خزاعة وتزوّج الصبية محمّد بن سليمان بن صرد الخزاعي بعد وقعة عين الوردة وشهادة التوّابين فرزق منها ستّة أولاد وأربع بنات وكانوا من مقدّمي الفرسان ومن شيعة أمير المؤمنين عليهالسلام.
__________________
(١) كان سياق المؤلّف موافقاً لسياق العوالم إلّا ما تخلّله من عبارات للمؤلّف وضعناها بين قوسين ، انظر العوالم ص ٣٨٨.