فهجم ابن الأشعث عليهم وشرع يقاتلهم فقتل جمع من العرب واندحر الأزد واستطاع جيش ابن زياد الوصول إلى بيت عبدالله بن عفيف فصاحت ابنة له : يا أبتاه ، أتاك القوم ، فقال لها : لا تخافي يا بنيّة وناوليني سيفي ، ولمّا اخذ السيف أنشأ يقول :
أنا ابن ذي الفضل العفيف الطاهر |
|
عفيف شيخي وابن أُمّ عامر |
كم دارع من جمعكم وحاسر |
|
وبطل جدّلته مغادر |
فقالت ابنته : يا ليتني كنت رجلاً أُقاتل بين يديك هؤلاء الفجرة قاتل العترة البررة (١).
قال : وجعل القوم يدورون عليه من كلّ جهة وهو يذبّ عن نفسه فلم يقدر عليه أحد ، وكلّما جاؤوا من جهة قالت ابنته : يا أبت ، جاؤوك من جهة كذا (وهو يحمل عليهم بالسيف ويبعدهم عنه) حتّى تكاثروا عليه وأحاطوا به ، فقالت ابنته : وا ذلّاه ! يحاط بأبي وليس له ناصر يستعين به ، فجعل يدير سيفه (وفي رواية الناسخ : قتل منهم خمسين فارساً وثلاثة عشرين راجلاً) فما زالوا به حتّى أخذوه ، ثمّ حُمِل فأُدخل على ابن زياد ، فلمّا رآه قال : الحمد لله الذي أخزاك ، فقال له عبدالله بن عفيف : يا عدوّ الله ! وبماذا أخزاني الله ؟
والله لو يكشف لي عن بصري |
|
ضاق عليكم موردي ومصدري |
فقال ابن زياد : يا عدوّ الله ، ما تقول في عثمان بن عفّان ؟ (وكان يفتعل الحجج عليه ليقتله لعلمه بأنّ عبدالله شيعة لعليّ عليهالسلام ، فأراد أن يُسيء القول في عثمان ليستبيح دمه فلا يلومه أحد ، فأجابه ابن عفيف) : يا عبد بني علاج ، يابن مرجانة ـ وشمته ـ ما أنت وعثمان ؟ إن أساء أو أحسن وأصلح أم أفسد ؟ والله تعالى وليّ
__________________
(١) راجع مثير الأحزان ، ص ٧٢ ؛ والبحار ، ج ٤٥ ص ١٢٠ ؛ العوالم ، ص ٣٨٨ وغيرهما.