عن الحرب لا ينتهي ، وقد بقيت يا عليّ حائر في أمري ، فاكشف هذه الغمّة فهذه عظيمة لا أجد أعظم منها.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : ما تقولين يا جارية فيما قال أبوك ؟ قالت : أمّا قوله إنّي عاتق فقد صدق فيما يقول ، وأمّا قوله إنّي حامل فوالله ما أعلم من نفسي خيانة قطّ يا أمير المؤمنين وأنت أعلم به منّي ، وتعلم أنّي ما كذبت فيما قلت ، ففرّج عنّي غمّي يا عالم السرّ وأخفى.
فصعد أمير المؤمنين عليهالسلام المنبر وقال : الله أكبر ( جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) (١) فقال عليهالسلام : عليَّ بداية الكوفة ، فجائت امرأة يقال لها لبنى وكانت قابلة نساء أهل الكوفة ، فقال : اضربي بينك وبين الناس حجاباً وانظري هذه الجارية أعاتق حامل ؟ ففعلت ما أمرها أمير المؤمنين عليهالسلام وقالت : نعم يا أمير المؤمنين ، عاتق حامل. فقال : يا أهل الكوفة ، أين الأئمّة الذين ادّعوا منزلتي ؟ أين من يدّعي في نفسه أنّ له مقام الحقّ فيكشف هذه الغمّة ؟
فقال عمرو بن حريث كالمستهزئ : ما لها غيرك يابن أبي طالب ، واليوم تثبت لنا إمامتك.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام لأبي الجارية : يا أبا الغضب ، ألستم من أعمال دمشق ؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين. قال : من قرية يقال لها أسعاد طريق بإيناس الجولة ؟ فقال : بلى يا أمير المؤمنين ، قال : هل فيكم من يقدر على قطعة من الثلج ؟ قال أبو الغضب : الثلج في بلادنا كثير ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : بيننا وبين بلادكم مائتا فرسخ وخمسون فرسخاً ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين.
قال عمّار رضياللهعنه : فمدّ عليهالسلام يده وهو على منبر الكوفة وردّها وفيها قطعة من الثلج
__________________
(١) الإسراء : ٨١.