تقطر ماءاً ثمّ قال لداية الكوفة : ضمّي هذا الثلج ممّا يلي فرج هذه الجارية ، سترمي علقة وزنها خمس وخمسون درهماً ودانقان.
قال : فأخذتها وخرجت بها من الجامع وجائت بطشت ووضعت الثلج على الموضع منها ، فرمت علقة كبيرة فوزنتها الداية فوجدتها كما قال عليهالسلام.
وكان قد أمسك المطر عن الكوفة منذ خمس سنين ، فقال أهل الكوفة : استسق لنا يا أمير المؤمنين ، فأشار بيده قبل السماء فدمدم الجوّ وأسجم وحمل مزناً فسال الغيث ، وأقبلت الداية مع الجارية فوضعت العلقة بين يديه ، فقال : وزنتها ؟! فقالت : نعم يا أمير المؤمنين وهي كما ذكرت ، فقال عليهالسلام : ( وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ ) (١) ثمّ قال : يا أبا الغضب ، خذ ابنتك فوالله ما زنت ولكن دخلت الموضع فدخلت فيها هذه العلقة وهي بنت عشر سنين فربت في بطنها إلى وقتنا هذا ، فنهض أبوها وهو يقول : أشهد أنّك تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر (٢).
__________________
(١) الأنبياء : ٤٧.
(٢) الرواية مذكورة في البحار ومدينة المعاجز واختصرها المؤلّف كما قال ولكنّي ذكرتها بطولها لأنّي لا يمكنني متابعته مع الحفاظ على النصّ ونقلتها من مدينة المعاجز لأنّ المؤلّف ذكر عمّاراً وحده في السند وفي رواية البحار ذكره مع زيد بن أرقم مِن ثَمّ آثرت رواية البحراني في مدينة المعجزات ، وفي هذه الرواية طامّات لا يمكن السكوت عنها وأرجو أن يعتبر القارئ من الأخبار الضعيفة بل متناهية الضعف ، وليس بعيداً أن يكون لها أصل ولكن الرواة حملوها من عندهم فقرات كثيرة خلطت الحقّ منها بالباطل ، وأعجب ما فيها اسم الشيخ والد الفتاة الذي ما سمّي به أحد من الإنس والجنّ أعني قلمس بن غفريس ، ثمّ الألف فارس الذين حملوها من الشام إلى الكوفة وكأنّهم قادمون لفتح الكوفة ، وعلى كلّ حال راجع مدينة المعجزات ٢ : ٥٤ ـ ٥٧ وبحار الأنوار ، ج ٤٠ ص ٢٧٨ ـ ٢٨٠. (المترجم)