الرأفة أو الرحمة أو الصفح ، وأنّه قاتله لا محالة ، فاعتنق الحارث وألقى الحارث بنفسه على الغلام فأراد الغلام سلّ سيفه فأسرع الحارث وضرب المولى على يده فأبانها ووصلت زوجته وولده إليه وهما على هذه الحالة.
فأسرع الولد وأمسك المولى من خصره وقال : يا أبتاه ، هذا المولى أخي من الرضاع وهو متبنّي أُمّي ، مالك وله ؟ فلم يجبه وضرب الغلام بالسيف حتّى قتله وقال لولده : عجّل وانحر الولدين ، فقال ابنه : لا أفعل لأنّهما أهل بيت رسول الله ولا أدعك تفعل ذلك ، وكانت امرأته تعول وتبكي وتقول : لماذا تقتل هذين الولدين البريئين ؟ ما الضرر في أخذهما حيّين إلى ابن زياد لترى ما يصنع بهما ؟ فقال اللعين : إنّ لهما أنصاراً في الحيّ وأخشى أن يسلبوهما منّي ويحرموني من جائزة ابن زياد ، وسلّ سيفه وأقبل على الولدين ، فركضت المرأة أمامه وتعلّق به وقالت : اتّق الله واحذره يوم الجزاء ، ما هذا العمل القبيح الذي تفعله الآن ؟ فغضب الحارث وضرب المرأة حتّى جرحها جرحاً منكراً ، فأسرع الفتى لئلّا يعجّل على أُمّه بضربة ثانية ، وقضي عليها ، وقبض على يده وقال له : يا أبتى ، عُد إلى صوابك ، إنّك جننت فما تعرف قريباً من بعيد ولا عدوّاً من صديق ، واستبدّ بالحارث الغضب وضرب ولده أيضاً بسيفه فقضى عليه ، وحمل على ابني مسلم كالذئب المسعور ، فما عطفه عليهما بكائهما ولا تضرّعهما.
وفي رواية أُخرى أنّ الغلامين قالا له : خذنا حيّين إلى ابن زياد يعمل بنا ما يشاء ، فقال اللعين : وهذا لا يكون أبداً ، فقالا : نحن نقرّ لك بالعبوديّة فبعنا وانتفع بثمننا (١) ، فقال : وهذا لا يكون أصلاً ، فقالا له : احفظ قرابتنا من رسول الله ، فقال :
__________________
(١) قبّح الله الكاذب الوضّاع ، أكان عترة الرسول يتفوّهون بهذا وقد جاء مشرِّفهم لتحرير الأرقّاء فكيف يصحّ رضا عترته بالرقّ ؟! ولكن الكاذب لا عقل له ولا دين. (المترجم)