ما بينكم وبين رسول الله قرابة ، فقالا : ارحم صغرنا ، فقال : ما وضع الله رحمة في قلبي وإنّي بقتلكما أتقرّب إلى الأمير عبيدالله ، فقالا : الآن حين عزمت على قتلنا فأمهلنا نصلّي ، فقال صلّيا إن نفعتكما صلاتكما ، فصلّى الغلامان ركعتين وبسطا أيديهما بالدعاء ودعوا الله قائلين : يا عدل ، يا حكيم ، يا أحكم الحاكمين احكم بيننا وبينه بالحقّ.
وفي رواية الناسخ : لم يمهلهما يصلّيان ، وكان كلّما قبض على واحد منهما سعى الآخر إليه وقال : اقتلني فإنّي لا أستطيع رؤية أخي ذبيحاً ، فبدأ الحارث بمحمّد فأبان رأسه عن جسمه ورماه على التراب وألقى جسده في النهر ، فأسرع إبراهيم إلى رأس أخيه ووضعه في حجره وراح يعول عليه ، فانتزع الحارث رأس محمّد منه وضربه فقتله وألقى جسده في الماء.
وفي رواية أُخرى : إنّ إبراهيم ألقى بنفسه على جسد أخيه محمّد وتمرّغ بدمه وقال : هكذا ألقى رسول الله ، فأراد الحارث فصله عن جسد أخيه فما استطاع فضربه ضربة أبان رأسه بها من القفا ووضع الرأسين في المخلاة وأقبل ينحو قصر الإمارة ، ووضع الرأسين بين يدي ابن زياد ، فقال ابن زياد : ما هذا ؟ قال : رأسا عدوّيك قتلتهما وأقبلت برأسيهما إليك لتنعم عليّ بالعطاء الموعود وتفي به ، فقال ابن زياد : وأيّ عدوّ هذا ؟ قال : غلامان لمسلم بن عقيل ، فقام ابن زياد من مجلسه ثلاث مرّات وأمر بغسل الرأسين ووضعهما أمامه في طبق ثمّ أقبل على الحارث وقال : أما خفت الله قتلت طفلين لا ذنب لهما ؟ بينما كنت أنا قد كتبت إلى يزيد بأنّي أسرت طفلين لمسلم وهما عندي فمرني بأمرك بشأنهما ؛ إن شئت بعثت بهما حيّين فماذا لو أمرني بإرسالهما على قيد الحياة فما كنت فاعلاً ؟ لماذا لم تأت بهما حيّين إليّ ؟
قال الحارث : خفت من الناس أن ينتزعوهما من يدي وأخسر
صفقة الأمير ،