وقال أبو مخنف في مقتله : ولمّا نادى الحسين : واغربتاه ! مستغيثاً ، خرج إليه من الخيمة غلامان كأنّههما قمران أحدهما اسمه أحمد والآخر اسمه القاسم .. الخ.
وقال في نواسخ التواريخ : وحمل أحمد بن الحسين على ميدان القتال وكان معروفاً بشجاعة القلب وسماحة الطبع وصباحة الطلعة وكان داهية الدهر وحادثة العصر ، ولم يتخطّ العقد السادس عشر من عمره ، فهجم عليهم كالليث الجريح وهو يرتجز ويقول :
إنّي أنا نجل الإمام بن علي |
|
أضربكم بالسيف حتّى يفلل |
نحن وبيت الله أولى بالنبي |
|
أطعنكم بالرمح وسط القسطل |
وسلّ سيفه كشعلة نار ، وعرض رمحه بسنان كلسان الشهاب ، وقلّب الميمنة على الميسرة والميسرة على الميمنة فقتل في حملته ثمانين فارساً وعاد للإمام يشكو العطش وقد غارت عيناه من شدّته ، وصاح بأعلى صوته : يا عمّاه ، هل من شربة ماء أبرد بها كبدي وأتقوّى بها على أعداء الله ورسوله ؟! فقال الحسين عليهالسلام : يابن الأخ ، اصبر قليلاً حتّى تلقى جدّك رسول الله صلىاللهعليهوآله فيسقيك شربة من الماء لا تظمأ بعدها أبداً ، فلمّا سمع أحمد قوله أقبل على ميدان القتال وهو يرتجز :
اصبر قليلاً فالمنى بعد العطش |
|
فإنّ روحي في الجهاد تنكمش |
لا أرهب الموت إذا الموت وحش |
|
ولم أكن عند اللقاء ذا رعش |
وحمل عليهم حملة منكرة وقتل منهم خمسين رجلاً آخرين ، ثمّ أنشأ يقول :
إليكم من بني المختار ضرباً |
|
يشيب لهوله رأس الرضيع |
يبيد معاشر الكفّار جمعاً |
|
بكلّ مهنّد عضب قطيع |
وقتل في هذه الحملة ستّين فارساً ثمّ استشهد عليهالسلام ، فكان مجموع من قتلهم بسيفه مائة وتسعين رجلاً.
جادوا بأنفسهم في حبّ سيّدهم |
|
والجود بالنفس أقصى غاية الجود |