كتب أبو مخنف يقول : إنّ الإمام الحسين عليهالسلام بعث أنس بن الحرث الكاهلي إلى عمر بن سعد ليستطلع رأيه وأمره بنصحه وموعظته ، وقال له : ذلك لإتمام الحجّة لأنّي أعلم أنّ القوم لا يرتدعون. فأقبل أنس حتّى دخل على ابن سعد ولم يسلّم عليه ، فقال ابن سعد : يا أخا كاهل ، ما لك لا تسلّم عليَّ سلام المسلم على المسلم فإنّي لم أُشرك بالله طرفة عين ولا أتيت ببدعة ولم أنكر رسالة محمّد صلىاللهعليهوآله ! فقال أنس : كيف عرفت الله وأدّيت حقّ رسوله وأنت عاقد العزم على سفك دم أولاد النبي وأصحابهم ؟! فأطرق عمر برأسه إلى الأرض ثمّ قال : أُقسم بالله إنّي لأعلم أنّ قاتلهم في نار جهنّم لا محالة ولكن لا مناص من أمر الأمير عبيدالله. فرجع أنس إلى الحسين وأبلغه ما سمعه من ابن سعد.
ويقول في إبصار العين : استأذن الحسين فأذن له وكان شيخاً كبيراً ، فبرز وهو يقول :
قد علمت كاهلها ودودان |
|
والخندفيّون وقيس عيلان |
بأنّ قومي آفة للأقران |
|
( لدى الوغى وسادة في الفرسان ) (١) |
__________________
= خزيمة الأسدي الكاهلي. ثمّ حدّث عن سعيد بن عبدالملك الحرّاني عن عطاء بن مسلم عن أشعث بن سجيم عن أبيه عن أنس بن الحرث بن نبيه الكاهلي ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ ابني هذا ـ يعني الحسين ـ يقتل بأرض يقال لها كربلاء ، فمن شهد ذلك فلينصره. قال : فخرج أنس بن الحرث إلى كربلاء فقتل بها مع الحسين.
وقال ابن عساكر : أنس بن الحرث كان صحابيّاً كبيراً ممّن رأى النبيّ وسمع حديثه ، وذكره عبدالرحمن لاسلمي في أصحاب الصفّة وعامّة أرباب الرجال ذكروه مثل الشيخ في رجاله وابن عبدالبرّ في الاستيعاب والزري في أُسد الغابة والأسترآبادي في رجاله والعلّامة في الخلاصة وأبو علي في رجاله ، والتفرشي في نقد الرجال ، وابن مندة وأبو أحمد العسكري والبغوي وابن السكن والمزّي والماوردي والمامقاني وأبو مخنف وصاحب أعيان الشيعة وغيرهم. (منه رحمهالله)
(١) إبصار العين ، ص ٥٦ ، والشطر الرابع ليس في الكتاب.