ولمّا علم بخروج الحسين إلى مكّة خرج بنفسه النفيسة إليه والتحق بركبه وصار ملازماً له لا يكاد يفارقه ، وأصبح واحداً من رجاله المجاهدين إلى أن بلغ الإمام الحسين ذا خشب في طريقه إلى العراق وكان الحرّ بن يزيد الرياحي قد اعترضه ، قام برير قائماً وقال : لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك تقطع فيك
__________________
= وكان يختم القرآن في كلّ ليلة ولم يكن في زمانه أعبد منه ولا أوثق في الحديث عند الخاصّ والعام (الخاصّة والعامّة ـ المؤلّف) وكان من ثقاة عليّ بن الحسين عليهالسلام وولد في الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين عليهالسلام وله تسعون سنة ، انتهى. [ مجمع البحرين ، ج ٣ ص ٢٥٠ ]
ولا يخفى معارضة هذا النقل مع ما ذكره ابن خلّكان في وفاة الأعيان ، قال : إنّه رأى عليّاً وابن عبّاس وغيرهم من الصحابة ، وروى عنه الأعمش وشعبة والثوري وغيرهم وكان كثير الرواية ولد لثلاث سنين بقين من خلافة عثمان وتوفّي سنة ١٢٧ ، أو مائة وثمان وعشرين أو مائة وتسعة وعشرين.
ويقول القمّي في تحفة الأحباب : عمرو بن عبدالله بن علي الهمداني أبو إسحاق السبيعي هو نفسه الذي قال عنه الشيخ المفيد في الاختصاص : صلّى أربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة ، وكان يختم القرآن في كلّ ليلة ولم يكن في زمانه أعبد منه ولا أوثق في الحديث عند الخاصّ والعامّ ، وكان من ثقات عليّ بن الحسين عليهماالسلام في الليلة التي قتل فيها أمير المؤمنين عليهالسلام وقبض وله تسعون سنة ، انتهى. [ الاختصاص للمفيد ، ص ٨٣ ]
وقد بلغك أنّ هذا النقل يخالف ما ورد عن ابن خلّكان وكذلك يخالف ما نقله الحسين بن هاشم عن أبي عثمان الدوري أنّه قال : سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول : ذهبت مع أبي للجمعة وكان يحملي على منكبه ، ورأيت عليّاً بن أبي طالب يخطب في المسجد وكان يروح عن نفسه بكمّه ، فقلت لأبي : هل يؤلم الحرّ أمير المؤمنين ؟ فقال أبي : كلّا إنّ الحرّ والبرد لديه سواء ولكنّه غسل قميصه فهو يلوح به ليجفّ.
وكذلك نقل إبراهيم بن ميمون عن عليّ بن عابس عن أبي إسحاق السبيعي ، قال : كان أبي يرفعني حتّى أرى أمير المؤمنين عليهالسلام وكان أبيض الرأس واللحية وكان واسع المنكبين ، هكذا يترائى لي. أقول : ما أشدّ الاختلاف بين هذا وبين ما قاله محمّد بن جرير بن رستم الطبري في المسترشد والشيخ حسن بن عليّ بن محمّد الطبري في كامل البهائي من أنّ أبا إسحاق من مبغضي أمير المؤمنين ، فما هو الدليل على هذا التعدد في الرأي.