مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) (١) ، فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا ، فقال : نحن وربّ الكعبة الطيّبون ميّزنا منكم. قال : فقلت لبرير بن حضير تدري من هذا ؟ قال : لا ، قلت : هذا أبو حرب السبيعي عبدالله بن شهر ، وكان مضحاكاً بطّالاً وكان شريفاً شجاعاً فاتكاً ، وكان سعيد بن قيس ربّما حبسه في جناية ، فقال له برير بن حضير : يا فاسق ، أنت يجعلك الله في الطيّبين ، فقال له : من أنت ؟ قال : أنا برير من حضير ، قال : أنا لله عزّ عليَّ هلكت والله هلكت والله يا برير.
قال : يا أبا حرب ، هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام ، فوالله إنّا لنحن الطيّبون ولكنّكم لأنتم الخبيثون. قال : وأنا (والله) على ذلك من الشاهدين. قلت : ويحك أفلا ينفعك معرفتك ؟ قال : جعلت فداك ، فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزي من عنز بن وائل ؟ قال : ها هو ذا معي ، قال : قبّح الله رأيك على كلّ حال وأنت سفيه ، قال : ثمّ انصرف عنّا .. (٢).
وفي مطالب السئول : ذكر محمّد بن طلحة في مطالب السئول وعليّ بن عيسى الأربلي في كشف الغمّة قصّة قدوم برير بن حضير على عمر بن سعد حين منع الماء عن الحسين وأهل بيتيه وأصحابه ، ونحن ذكرناها في ترجمة أنس بن الحرث الكاهلي ، وفي الكتابين المذكورين عزيت الحكاية إلى يزيد بن الحصين الهمداني (٣) ولكن المرحوم فرهاد ميرزا في القمقام ذكر أنّه
__________________
(١) آل عمران : ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٢) تاريخ الطبري ، ج ٤ ص ٣١٩ و ٣٢٠.
(٣) أقول : لا أستبعد أن يكون جرى تصحيف للاسمين ، فما أشبه لفظ يزيد بلفظ برير ، والحصين بالحضير ، والمؤلّف ضبط حضير والد برير بالخاء المعجمة ، والأكثر على أنّها بالمهملة. (المترجم)