من فضل كثير ، وما جرى عليهم من المصائب ، ولا قوه في سبيل إحياء الدِّين من كوارث ومحن ؛ لأنَّ فيه حياة أمرهم. ورحم الله من أحيا أمرهم ، ودعا إلى ذكرهم.
وقد تواتر الحثّ من الأئمّة (ع) على نظم الشعر فيهم ، مدحاً ورثاء ؛ بحيث عُدّ من أفضل الطاعات. وفي ذلك قالوا (عليهم السّلام) : «مَن قال فينا بيتاً من الشعر ، بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة». وفي آخر : «حتّى يؤيد بروح القُدُس». وفي ثالث : «بنى الله له في الجنة مدينة ، يزوره فيها كلُّ ملك مقرب ، ونبيّ مرسل» (١).
وقال أبو جعفر الباقر (عليه السّلام) للكميت لمّا أنشده قصيدته : (مَن لقلب متيم مستهام) : «لا تزال مؤيداً بروح القُدُس» (٢).
واستأذن الكميت على الامام الصادق (ع) في أيام التشريق ينشده قصيدته ، فكبر على الإمام أنْ يتذاكروا الشعر في الأيام العظام ، ولمّا قال له الكميت : إنّها فيكم ، أنس أبو عبد الله (ع) ، حيث إنّه من الذكر اللازم ؛ لأنّ فيه إحياء أمرهم. ثمّ دعا بعض أهله فقرب ، ثمّ أنشده الكميت فكثر البكاء ، ولمّا أتى على قوله :
يُصيب به الرامون عن قوس غيرهم |
|
فيا آخراً أسدى له الغيّ أولُ |
رفع الإمام الصادق (ع) يديه ، وقال : «اللهمّ ، اغفر للكميت ما قدّم وأخّر ، وما أسرّ وأعلن ، واعطه حتّى يرضى» (٣).
وأذن أبو جعفر الجواد (ع) لعبد الله بن الصلت أنْ يندبه ، ويندب أباه الرضا (ع). وكتب إليه أبو طالب أبياتاً يستأذنه فيها في رثاء أبيه الرضا (ع) ، فقطع أبو جعفر (ع) الأبيات عنده ، وكتب إليه : «أحسنت ، وجزاك الله خيراً» (٤). وقال أبو عبد الله الصادق (ع) لسفيان بن مصعب : «أنشدني في الحسين». وأمر بتقريب اُمّ فروة وعياله ، فلمّا حضرن ، قال سفيان : (فرو جودي بدمعك المسكوب)
__________________
(١) عيون أخبار الرضا (ع) ص ٥.
(٢) رجال الكشي ص ١٣٦.
(٣) الأغاني ١٥ ص ١١٨ ، معاهد التنصيص ٢ ص ٢٧.
(٤) رجال الكشي ص ٣٥٠.