فصاحت اُمّ فروة وصِحنَ النساء. فقال أبو عبد الله (ع) : «الباب الباب». واجتمع أهل المدينة ، فأرسل إليهم أبو عبد الله صبياً غشي عليه! (١). وهذا من محاسن التورية ، فلقد غشي على أطفالهم يوم الطفّ ، وما أدري مَن عنى بالصبي!؟ أهو عبد الله الرضيع؟ أم عبد الله الأصغر ابن الإمام الحسين (ع) ، المذبوح بالسهم في حجر الحسين (ع)؟ أم محمّد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب؟.
ودخل جعفر بن عفان (٢) على الامام الصادق (ع) ، فقال له : «إنك تقول الشعر في الحسين وتجيده؟». قال : «نعم». فاستنشده ، فلمّا قرأ عليه ، بكى حتّى جرت دموعه على خديه ولحيته ، وقال له : «لقد شهدت ملائكة الله المقربون قولك في الحسين ، وإنهم بكوا كما بكينا ، ولقد اوجب الله لك الجنة». ثمّ قال (ع) : «مَن قال في الحسين شعراً ، فبكى وأبكى غفر الله له ، ووجبت له الجنة» (٣).
وجعفر هذا من رجال الشيعة المخلصين ، أطراه علماء الرجال ووثقوه ، وهو الذي ردّ على مروان بن أبي حفصة ، القائل :
خلّوا الطريق لمعشر عاداتُهم |
|
حطم المناكب كلَّ يوم زحامِ |
اُرضوا بما قسم الأله لكم به |
|
ودعوا وراثة كلَّ أصيد حامِ |
أنّى يكون وليس ذاك بكائن |
|
لبني البنات وراثة الأعمامِ (٤) |
فقال جعفر بن عفان :
لم لا يكون وأنّ ذاك لكائنٌ |
|
لبني البنات وراثة الأعمامِ |
للبنت نصفٌ كاملٌ من ماله |
|
والعمُّ متروكٌ بغير سهام |
ما للطليق وللتراث وإنما |
|
صلّى الطليقُ مخافة الصمصامِ (٥) |
ودخل جماعة على الإمام الرضا (ع) فرأوه متغيّراً ، فسألوه عن ذلك. قال : «بتّ ليلتي ساهراً متفكّراً في قول مروان بن أبي حفصة» ، وذكر البيت المتقدّم.
__________________
(١) روضة الكافي ـ الحديث ٢٦٣.
(٢) في الأغاني ٧ ص ٨ ، وكذلك أيضاً في ٩ ص ٤٥ أنه طائي.
(٣) رجال الكشي ص ١٨٧ ، وذكر له الخوارزمي في المقتل ٢ ص ١٤٤ فصل ١٣ مقطوعتين في رثاء الحسين.
(٤) الأغاني ١٢ ص ١٧.
(٥) الأغاني ٩ ص ٤٥ طبعة ساسي.