وسمعه أبو سعيد المقبري فعرف أنّه يريد أمراً عظيماً (١).
٣ ـ رأي اُمّ سلمة
وقالت اُمّ سلمة : لا تحزنني بخروجك إلى العراق ، فإنّي سمعت جدّك رسول الله يقول : «يُقتل ولدي الحسين بأرض العراق في أرض يقال لها كربلا» ، وعندي تربتك في قارورة دفعها إليَّ النّبي (ص).
فقال الحسين : «يا اُمّاه ، وأنا أعلم أنّي مقتول مذبوح ظلماً وعدواناً ، وقد شاء عزّ وجلّ أنْ يرى حرمي ورهطي مشرّدين ، وأطفالي مذبوحين مأسورين مقيّدين ، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً».
قالت اُمّ سلمة : وآعجباً! فأنّى تذهب وأنت مقتول؟!.
قال (ع) : «يا اُمّاه ، إنْ لم أذهب اليوم ذهبتُ غداً ، وإنْ لم أذهب في غد ذهبت بعد غد ، وما من الموت والله بدّ ، واني لأعرف اليوم الذي اُقتل فيه والسّاعة التي اُقتل فيها والحفرة التي اُدفن فيها ، كما أعرفك ، وأنظر إليها كما أنظر إليك ، وإنْ أحببتِ يا اُمّاه أنْ أريك مضجعي ومكان أصحابي» ، فطلبت منه ذلك ، فأراها تربة أصحابه (٢) ، ثمّ أعطاها من تلك التربة ، وأمرها أنْ تحتفظ بها في قارورة ، فإذا رأتها تفور دماً تيقّنت قتله. وفي اليوم العاشر بعد الظهر نظرت إلى القارورتين فإذا هما يفوران دماً (٣).
__________________
(١) الطبري ٦ ص ١٩١ ، والاغاني ١٧ ص ٦٨ ، والمقتل للخوارزمي ١ ص ١٨٦ الفصل التاسع ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٣٩.
(٢) مدينة المعاجز ص ٢٤٤ ، عن ثاقب المناقب لمؤلّفه الجليل أبي جعفر محمّد بن علي بن محمّد المشهدي الطوسي ، كما في دار السلام للنوري ١ ص ١٠٢ ، وحكى في روضات الجنات ص ٥٩٣ : نسبة الكتاب إليه عن كامل البهائي ، وعلى ما في دار السلام من ذكر روايته عن جعفر بن محمّد الدرويستي الراوي عن المفيد في سنة ٤٠١ يكون من أعلام القرن الخامس.
(٣) الخرايج في باب معجزاته ومقتل العوالم ص ٤٧.